تازة بريس
عبد الاله بسكًمار
حزن.. اندهاش.. ذهول، هذا هو المشهد الذي يختزل رد فعل التازيين/ ت وعموم المهتمين بالشان العام والثقافي منه على وجه الخصوص، إذ إن مشروع المركب الثقافي مولاي يوسف أصبح في خبر كان أي سيختفي قريبا بكل بساطة، حيث بات من الأحلام الجميلة المجهضة، بالنسبة لهذه المدينة السيئة الحظ.
لقد نزلت المعدات مؤخرا وتهيأ القوم للبناء الرصين الجاد، وتخيل ذوو النوايا الطيبة أو ربما السذجK أن أصحابنا في الله قد استفاقوا أخيرا وقرروا أن يخرجوا مشروع المركب الثقافي إلى الوجود، بعد أن بدأ البناء منذ عهد المجلس الجماعي السابق، ثم توقف وبقي الهيكل الإسمنتي قائما، شاهدا على واحدة من أبرز فضائح العمل الجماعي بتازة، نتيجة الصراعات السياسوية والانتخابوية الضيقة والتي أدت المدينة ثمنها غاليا وذلك منذ سنوات، فإذا بتلك الآليات المذكورة تتجه لمسخ البناية الإسمنتية الموجودة، على أساس إنشاء المركب إياه وربما هدمه بالمرة وتعويضه بعمارة إسمنتية، تضم شققا كالعادة ومقهى في القاعدة وهذا مجرد حدس موضوعي، يعكس واقعا فعليا مريرا، ليبصم هؤلاء البشر بخمسة أصابع على مأساة مدينة تسمى تازة. علما بأن الملكية الأصل لهذا المجال الذي يوجد في قلب شارع مولاي يوسف بتازة الجديدة، تعود إلى البعثة الكاثوليكية الموجود مقرها رسميا بالعاصمة الرباط، وليس من حق أحد أو أية جهة التصرف وفق هواها، لأن دفتر التحملات الموقع بين هذه البعثة والمجلس الجماعي آنذاك سنة 1999 برئاسة السيد عبد الجليل بوقطاسة، نص بوضوح على تحويل الفضاء إلى مرفق ثقافي أو اجتماعي يعم نفعه على المدينة، مقابل تفويت قطعة أرضية مكان مقر الوقاية المدنية سابقا، بالميدان الرابط بين شارع أنوال وممر موريطانيا حيث الحديقة والثانوية الإعدادية فخر الدين الرازي، لإقامة كنسية مصغرة أطلق عليها “دار السلام “، وهو ما تم فعلا، نقصد بناء الكنيسة المصغرة،مباشرة بعد سنتين فقط من عقد اتفاق الشراكة، بين المجلس الجماعي آنذاك والبعثة الكاثوليكية. غير أن المشروع الثقافي أو الاجتماعي، أصبح يراوح مكانه كما ذكرنا منذ ذلك الحين، رغم توالي الأغلبيات في المجلس الجماعي،إلى أن قر قرار المجلس السابق، الذي كان يرأسه السيد جمال المسعودي أن يخرج المشروع إلى حيز التنفيذ، وبقية الحكاية معروفة وهو إيقافه أو توقيفه في مرحلته الإسمنتية، بسبب الصراعات العقيمة والمشينة التي تحدثنا عنها، ونظرا للعاب العذب الذي أصبح يسيل عبر أفواه بعض” المنهشين”الذين خربوا المدينة وأكمل من لدنك .
الآن يبدو أن جهات معينة اطمأنت إلى الوضع الحالي، حيث لمست ربما غياب أي حسيب أو رقيب، ففوتت المشروع ببساطة إلى إحدى المقاولات ليتم فتح مقهى أو قاعة للحفلات ثم تخصيص طوابق البناية المزمع إنشاؤها، كعمارة سكنية مثلما جرت العادة أمام ذهول كل المهتمين، وهذا مجرد استباق موضوعي قد يحدث في أي لحظة، فكأن المشروع السابق تبخر بجرة قلم رغم ما أنفق فيه، ناهيك عن إلحاحنا على نفعه بالنسبة للشباب التازي وللتنمية الاقتصادية والاجتماعية والثقافية على صعيد المدينة، بل إنه من العار الخرق الصريح السافر لدفتر التحملات وجعل تازة وأهلها مهزلة حقيقية أمام الأجانب ولو أنه لا تزر وازرة وزر أخرى .
لقد تحول الحلم الجميل إذن إلى كابوس إسمنتي مسلح، وبدل إنجاز المركب الثقافي حسب مخطط التهيئة العمرانية ودفتر التحملات، أصبح الحديث عند المهتمين عن”مركب النقص” هههه، الذي أجهز على كل تنمية حقيقية بهذه المدينة، هذا وأثار التصرف الأرعن غير المسؤول للجهات التي فوتت المشروع، وقد تطلب ميزانية هامة ساهم فيها المجلسان الإقليمي والجماعي سابقا ب 18 مليون د، أثار موجة استياء عارمة تضاف إلى بقية كوارث مدينة تازة البهية، والمفجع في الأمر أن رئيس المجلس الجماعي الحالي نفسه، كان قد التزم سنة 2018 بإتمام مشروع المركب الثقافي مولاي يوسف في إحدى جلسات المجلس الإقليمي، ثم الجماعي والمحاضر موجودة، أكثر من ذلك ففتح الأظرفة تم بتاريخ 27 يونيو 2022 على أساس استكمال أشغال البناء والتجهيز، ليقع ما لم يكن في الحسبان فجأة وبعد زمن ما من التمهيد، لكل هذا العبث بالصالح العام وجيوب دافعي الضرائب، وهي أي مهمة التمهيد للعبث إياه التي قام ويقوم بها بعض المرتزقة والتافهين، الذين انتحلوا صفات الصحافة والإعلام وظل همهم التطبيل والتزمير لأسيادهم وأولياء نعمتهم، لغرض في نفس يعقوب،أولفائدة من يدفع أكثر .
هكذا تبخرت تماما أهداف المشروع، كدعم الأنشطة السوسيو ثقافية بالمدينة، وتقوية شبكة المرافق العامة وكان من المفترض أن يضم مجال المركب إياه: قاعة متعددة التخصصات وقاعة للعروض ومكتبة للعموم ورواق للفنون ومركز استقبال فضلا عن الإدارة المختصة، وتبلغ التكلفة الإجمالية للمشروع ما مجموعه 18.800.000 درهما، على مساحة ستة آلاف وثلاثمائة واثنين وأربعين مترا مربعا، ليذهب كل شيء أدراج الرياح ويصبح المركب أثرا بعد عين ” كاين الله وباقي الله ” ولا حول ولا قوة إلا بالله، في مدينة تعاني من انعدام أي مركبات ثقافية فضلا عن اندثار الخزانات العمومية والخاصة أيضا.
وقد أثارهذا العبث الإسمنتي استياء كل القوى الحية بتازة، وفي طليعتها الائتلاف المدني للدفاع عن مدينة تازة الذي احتج بشدة على هذا التفويت، وحمَّل المسؤولية كاملة لمديرية الثقافة في عهدها السابق وللمجلس الجماعي الحالي، فضلا عن المجلسين الإقليمي والجهوي ومصالح العمالة مطالبا برد الأمور إلى نصابها، هذا ويعتزم الإتلاف مراسلة البعثة الكاثوليكية قصد إحاطتها علما بالوضع المستجد، وكذا المصالح المركزية بوزارة الثقافة، كما يؤكد حقه كطرف مدني في اللجوء إلى كل الوسائل المشروعة بما في ذلك طلب الإنصاف من القضاء.