تازة بريس
صورة قاتمة عن القطاع السياحي بالمغرب رسمها التقرير الصادر عن المجلس الأعلى للحسابات، مسجلا جملة نقائص يواجهها، منها عدم إحداث هيئات مبرمجة ضمن برنامج وطني وعدم العناية بالتنشيط السياحي، اضافة إلى انتشار العمل غير المهيكل والإفلاس الذي يتربص بالمقاولات داخل القطاع، بسبب عدم القدرة على سداد القروض المتراكمة، وهو ما يسائل نجاعة تنزيل الرؤية السياحية من طرف وزارة السياحة والمكتب الوطني المغربي للسياحة.
وبالرغم من اعتماد استراتيجية التنمية السياحية “رؤية 2020″، والتي ضُمِّنَت في عقد البرنامج الوطني 2010-2020 الذي حدد مجموعة من الأهداف، إلا أن تنفيذ هذا الأخير عرف مجموعة من النقائص، لعل أهمها عدم إحداث بعض الهيئات المبرمجة، كالمجلس الوطني للسياحة ووكالات للتنمية السياحية على مستوى الوجهات السياحية الثماني لتحُلَّ مَحَلَّ المجالس الجهوية والمجالس الإقليمية للسياحة، وفق ما أكده المجلس الأعلى للحسابات. وأفاد تقرير المجلس الأعلى الأخير أن نظام اليقظة ” لا يستجيب بشكل كافٍ لاحتياجات مختلف المتدخلين في القطاع السياحي على المدى المتوسط والمدى البعيد، ذلك أن مرصد السياحة كأداة لليقظة والرصد والتحليل وآلية تساعد على اتخاذ القرار لم يعد مُفَعَّلا منذ 2016”. وسجل المجلس، وفق التقرير نفسه “محدودية الاستثمار في مجال التنشيط السياحي، إذ لا تزال الاستثمارات السياحية تتركز على إنشاء مؤسسات الإيواء على حساب العرض في مجال التنشيط والترفيه”.
وفيما يخص السياحة الداخلية، توقف المجلس عند”غياب استراتيجية مندمجة خاصة بتطويرها، أخذا بعين الاعتبار البعد الترابي وطبيعة المنتوج السياحي والتواصل والتوزيع والدعم”. وأوصى المجلس الوزارة المكلفة بالسياحة “بمراجعة آليات الحكامة والقيادة المعتمدة بتنسيق مع الفاعلين في القطاع السياحي، وذلك من خلال إحداث هيئات الحكامة على المستويين المركزي والترابي، ومراجعة آليات التخطيط والإحصاء”، كما أوصى المجلس “بضرورة إعادة تأهيل مرصد السياحة من أجل القيام بمهامه في مجال اليقظة والرصد والتحليل”. وأشار المجلس إلى أن الأزمة الصحية أبرزت “ تفشي ظاهرة العمل غير المهيكل في قطاع السياحة، وذلك في غياب لأي تقييم لوزن هذه الظاهرة، ومدى تأثيرها على الاقتصاد السياحي وعلى الجانب الاجتماعي للعاملين في القطاع، ويتعلق الأمر ببعض فئات العاملين في الأنشطة المتصلة بالسياحة، كشركات تأجير المعدات وشركات تأجير السيارات وعمال مؤسسات الإيواء غير المصنفة”.ورغم التزام الأطراف الموقعة لعقد البرنامج 2020-2022 بتمديد مهلة تسديد ديون قروض “ضمان أوكسجين” إلى غاية 31 دجنبر 2021 عوض تاريخ 30 يونيو 2020،“غير أنه ومع استمرار الأزمة الصحية وانخفاض النشاط السياحي، أصبح من الصعب على المقاولات تسديد أقساط الديون على المدى المتوسط والبعيد نظرا لكون فائض استغلالها الخام لا يكفي لامتصاص النفقات المالية والاهتلاكات مما قد يعرض مجموعة من المقاولات للإفلاس”.
وتوقف المجلس عند إلغاء”عدة خدمات سياحية كانت مبرمجة ومؤدى عنها مسبقا”، مضيفا بهذا الخصوص “التزمت الأطراف المعنية باحترام مقتضيات القانون رقم 30.20 بسن أحكام خاصة تتعلق بعقود الأسفار والمقامات السياحية وعقود النقل الجوي للمسافرين، لكن هذا الإجراء، كما تم التطرق إليه في عقد البرنامج لم يكن واضحا بالشكل الكافي ولم يتطرق بشكل مفصل إلى التدابير التي يتعين اتخادها بهذا الشأن”. وتابع التقرير“وقد التزمت الدولة أيضا، في عقد البرنامج، بالعمل على وضع اتفاق شامل لمعالجة الديون الجبائية لمهنيي السياحة، غير أنه لم يتم بعد الشروع في وضع الاتفاق الذي كان من المفروض أن يدخل حيز التنفيذ منذ متم سنة 2021″. وأوصى المجلس الوزارة المكلفة بالسياحة بمواصلة مجهوداتها من أجل تفعيل التدابير التي جاء بها عقد البرنامج 2020-2022، المتعلق بإنعاش القطاع، وإعادة هيكلة الديون بعيدة المدى من خلال اتخاذ تدابير ملموسة في مجال ضمان القروض تفاديا لضياع جزء كبير من النسيج الإنتاجي في هذا القطاع.