تازة بريس
عبد السلام انويكًة
ضمن برنامج”الرباط عاصمة الثقافة في العالم الاسلامي”، وتحت الرعاية السامية لصاحب الجلالة الملك محمد السادس، تنظم مؤسسة أرشيف المغرب بشراكة مع دارة الملك عبد العزيز بالرياض، ندوة علمية ومعرضا وثائقيا موازيا في موضوع العلاقات المغربية السعودية بين الأمس واليوم. موعد علمي يحتضن أشغال يومه الأول في رابع عشر من شهر شتنبر الجاري، مدرج الشريف الادريسي بكلية الآداب والعلوم الانسانية أكًدال بالرباط، من خلال جلسة افتتاحية يشرف على تسييرها الدكتور جامع بيضا مدير مؤسسة أرشيف المغرب، جلسة تتقاسمها كلمات كل من الدكتور جمال الدين الهاني عميد الكلية، الدكتور فهد بن عبد الله السماري الأمين العام لدارة الملك عبد العزيز بالرياض، الدكتور أمين بن سعيد رئيس جامعة الأخوين بإفران، الدكتور عبد الإله بن عرفة نائب المدير العام للإسيسكو، ثم الدكتور محمد قرشيش مدير مدرسة الملك فهد العليا للترجمة بطنجة.
في جلسة علمية أولى لندوة العلاقات المغربية السعودية هذه، يتحدث الدكتور أحمد شوقي بينبين مدير الخزانة الحسنية بالرباط عن الأوقاف المغربية بالديار المقدسة. وتتناول الدكتورة منية المغاري عن المعهد الجامعي للبحث العلمي بالرباط، مظاهر الثقافة والعمران على هامش رحلة خناتة بنت بكار الى الحجاز 1730م. وعن دارة الملك عبد العزيز بالرياض، يعرض الدكتور عبد الله بن عبد الرحمن الربيعي للقواسم المشتركة بين المملكة العربية السعودية والمملكة المغربية. وتتناول الدكتورة عزيزة اليزمي (الرابطة المحمدية- سلا)، موضوع المرأة في الرحلات الحجازية المغربية. أما الدكتور محمد المغراوي عن كلية الآداب والعلوم الانسانية بالرباط، فيستحضر في مداخلته ظروف وصعوبات حج المغاربة في القرن التاسع عشر. فيما تناقش الدكتورة نورة بنت محجب الحامد عن دارة الملك عبد العزيز بالرياض، تاريخ العلاقات المغربية السعودية. وفي ختام هذه الجلسة العلمية الأولى من ندوة العلاقات المغربية السعودية بالرباط، يستحضر الدكتور عبد الوافي رضى الله المختار السوسي عن مركز المختار السوسي للدراسات والأبحاث ونشر التراث، وحي الرحلة الحجازية للعلامة محمد المختار السوسي ضمن أعضاء الوفد الرسمي لسنة 1365ه 1946م. ليكون حضور الندوة على موعد بعد ذلك مع زيارة متحف ومعرض السيرة النبوية بمقر منظمة العالم الاسلامي للتربية والعلوم والثقافة “الإسيسكو” بالرباط، ومع ايضا حفل تدشين معرض صور ووثائق ومخطوطات تخص علاقات أمس البلدين وحاضرها (رواق أرشيف المغرب).
في اليوم الموالي لندوة العلاقات المغربية السعودية، تحتضن جامعة الأخوين بمدينة افران جلسة علمية ثانية يشرف على تسييرها الدكتور عبد الكريم مرزوق، وتتوزع على جملة مداخلات يناقش فيها الدكتور محمد الشريف عن كلية الآداب بتطوان، مظاهر العلاقات المغربية السعودية واستقبال الملك عبد العزيز آل سعود رؤساء وفد الحج المغربي. ويتحدث الدكتور يونس السباح (الرابطة المحمدية- طنجة)، عن آل الحريري : المطوفون السعوديون وعلاقاتهم بالمغاربة. وعن دارة الملك عبد العزيز بالرياض يتناول الدكتور تركي بن عجلان الحارثي، دور الملك فهد في تطور العلاقات السعودية المغربية- قراءة في الصحف السعودية. وضمن جلسة جامعة الأخوين العلمية الثانية بإفران هذه، يستحضر الدكتور عبد السلام انويكًة عن المركز الجهوي لمهن التربية والتكوين- فاس كذا مركز ابن بري للدراسات والأبحاث وحماية التراث، مساحة تاريخية رمزية تخص هدايا السلاطين المغاربة للحرمين الشريفين وعلاقات المصاهرة الشريفة.
يذكر أن العلاقات المغربية السعودية من خلال ورقة اللجنة التنظيمية التأطيرية للندوة، لعبت أدوارا طلائعية ولا تزال في رفع التحديات التي تواجه الأمة الاسلامية وقضاياها الراهنة، نظرا لِما لها من انعكاسات مباشرة على تقوية لحمة التقارب والتعاون بين شعوبها في ظل ما هناك من تغيرات سياسية واقتصادية يعيشها العالم. وأن المملكتان تعدان ركيزتين أساسيتين للاستقرار في العالم الاسلامي، وأنهما جناحاه المثبتان للتوازن السياسي المطلوب والمحافظان على تراث وثوابت وهوية مجتمعاته، اذ يعتبران قدوة في السلم والاعتدال والتبصر وأيضا في الرؤية الاستراتيجية الواضحة لمصالح العرب والمسلمين. اشارات أخرى بقدر عال من الأهمية وردت في ورقة الندوة هذه، تلك التي تخص ما هناك من روابط تجمع بين البلدين والتي لا يمكن لها إلا أن تدعم وتستمر، لكونها علاقات لم تقم على مصالح مشتركة فحسب، انما منبعها الحقيقي هو التآلف الروحي. فلطالما تعلقت نفوس المغاربة بالأماكن الطاهرة مهبط الوحي وبيت الله الحرام ومسجد رسوله الكريم، منذ اعتناق المغاربة لدين الاسلام الحنيف وقيام الدولة المغربية بعد ذلك حتى اليوم على أساس العقيدة الاسلامية والنسب الشريف. وقد صارت أرض شبه الجزيرة العربية منذئذ قبلة للمغاربة السنوية لأداء مناسك الحج، حيث حظيت الرحلات الحجية بعناية سلاطين المغرب عبر التاريخ، مما أغنى وعاء المكتبة العربية بعشرات الكتابات المفيدة في هذا الشأن من جهة، وفي التعرف على الأوقاف المغربية بالديار المقدسة وعلى الأسر المغربية المكلفة بالطواف.
لقد جدد ما هناك من تراكم تاريخي حافل في علاقات البلدين، نجاح علاقاتهما الحديثة التي استأنفت بين الملك محمد الخامس والملك سعود بن عبد العزيز مباشرة بعد استقلال المغرب، وهي العلاقات التي ما فتئت تتوطد بين الأسرتين والقيادتين حتى الوقت الحاضر في عهد الملك محمد السادس والملك سلمان بن عبد العزيز آل سعود. بفعل الدعم المشترك لقضاياهما الوطنية والتوافق الذي جمع بينهما في معالجة القضايا الاسلامية والعربية والدولية. وقد تأطرت العلاقات المغربية السعودية- تضيف ورقة الندوة- بإنشاء اللجنة العليا المشتركة بين البلدين، بناء على اتفاقية التعاون الموقعة بينهما سنة ألف وتسعمائة وستة وسبعين لتطوير العمل الثنائي في المجالات السياسية والاقتصادية وغيرها، تلك التي تشكل محاور ندوة الرباط المنظمة من طرف مؤسسة أرشيف المغرب، لتسليط الضوء على العلاقات المغربية السعودية من قِبل باحثين متخصصين عن البلدين الشقيقين. فضلا عن معرض”رواق الأرشيف” يستحضر بلمسة فنية راقية وثائق غميسة، أهمية هذه العلاقات بالأمس واليوم. ولعل ندوة الرباط هذه حول العلاقات المغربية السعودية، هي ثمرة تنسيق وتعاون بين مؤسسة أرشيف المغرب ودارة الملك عبد العزيز بالرياض بناء على مذكرة تفاهم جامعة بينهما، تلك التي تم توقيعها بمدينة الرباط في سادس عشر شتنبر من السنة الماضية.