تازة بريس

ندوة علمية مغاربية لإحياء الذكرى 65 لبزوغ فكرة الاتحاد المغاربي ..

-

تازة بريس

ندوة بمناسبة الذكرى الخامسة والستين على انعقاد “مؤتمر طنجة للأحزاب التحررية المغاربية، هو ما  تنظمه أربع هيئات مغاربية مدنية وأكاديمية يوم السبت 29 أبريل الجاري بطنجة. الندوة التي تنعقد حضوريا وعن بعد تحت شعار“65 سنة على مؤتمر المغرب العربي بطنجة: أي مستقبل للحلم المغاربي؟”، تشهد مشاركة نخبة من البلدان المغاربية الخمس ومن بلاد المهجر، تضم مثقفين ونشطاء من المجتمع المدني وشخصيات اعتبارية، مؤمنين بضرورة إحياء حلم الأجيال المغاربية، والذي أصبح مهددا أكثر من أي وقت مضى بتحديات متعددة الأبعاد.

في بلاغ صحافي لهم أبرز المنظمون، أن الندوة تشكل دعوة لنخب ولفعاليات وهيئات نشيطة في حقول المعرفة والثقافة والمجتمع المدني، لتدشين حوار يساهم في دعم مسارات التعاون والاندماج المغاربي، والتنسيق من أجل تحقيق أهداف هذه المبادرة وتفعيل المشروع المغاربي والعمل من أجل خدمة مصالح المواطنين ورجال الأعمال ودول المنطقة، بهدف الاستفادة من ترفيع نسب النمو في البلدان الخمسة وفرص تكريس شعارات تحریر تنقل المسافرين ورؤوس الأموال والسلع. وتنظم الندوة كل من المؤسسة الألمانية المغاربية للثقافة (بون/ألمانيا) والإعلام والتكتل الجمعوي بطنجة الكبرى (طنجة/المغرب) ومؤسسة ابن رشد للدراسات العربية والإفريقية (تونس)، ومركز الدراسات والأبحاث في العلوم الاجتماعية (الرباط/المغرب).

المنظمون اعتبروا أن المبادرة تأتي وفاء لدماء الشهداء وتضحيات أجيال من الوطنيين والديمقراطيين في البلدان المغاربية من أجل التحرر الوطني والاجتماعي والسياسي والتنمية المندمجة، وتقديرا للزعماء الوطنيين وأجيال من السياسيين الرسميين ونشطاء المجتمع المدني في مرحلتي الكفاح ضد الاستعمار وبناء الدولة الحديثة ، الذين سعوا لتحقيق “الحلم ببناء منطقة مغاربية موحدة ومندمجة”، بدءا من قادة مكاتب المغرب العربي في القاهرة ودمشق وعدة عواصم عالمية. كما تسعى الندوة إلى تكريس توصيات قادة الأحزاب الوطنية والهيئات الشعبية المغاربية الذين وضعوا في مؤتمر طنجة، المنعقد ما بين 27 و30 أبريل 1958، نواة العمل المشترك وأسس “الاتحاد المغاربي”، بناء على المشاريع التي سبق أن نوقشت من قبل القادة الوطنيين في المنفى ، وخاصة أعضاء “لجنة تحرير المغرب العربي في القاهرة” وقيادات الأحزاب الثلاثة ، التي شاركت في المؤتمر، ويتعلق الأمر بحزب الاستقلال المغربي وحزب جبهة التحرير الجزائري والحزب الحر الدستوري التونسي. وتشكل الندوة متابعة لجهود النخب المغاربية وهيئات المجتمع المدني والمؤسسات التي أفرزتها قمة مراكش التأسيسية للاتحاد المغاربي في فبراير 1989 وبقية القمم والاجتماعات التي نظمتها الأمانة العامة للاتحاد في كل من المغرب وتونس والجزائر وليبيا وموريتانيا.

يذكر أن مؤتمر طنجة (27 – 30 أبريل 1958)، في ذكراه 65، شكل محطة تاريخية بارزة في تعميق وعي الشعوب المغاربية بمصيرها المشترك، وكذا مبادرة مغربية  بتعبير قوي  عن حلم لا زال يراود شعوب المنطقة التواقة لتحقيق الاندماج في إطار تكتل جهوي يمكنها من رفع التحديات الاقتصادية والسياسية والاجتماعية، في ظل العولمة والتكتلات الإقليمية الكبرى التي يشهدها العالم. فقد اضطلعت الأحزاب التي شاركت في مؤتمر طنجة ايام 27-30 أبريل 1958، وهي حزب الاستقلال المغربي والحزب الدستوري الجديد التونسي وجبهة التحرير الوطني الجزائرية، بدور هام في تعميق الوعي وحشد الطاقات لإعطاء دفعة جديدة لحركات التحرر الوطني، من أجل استكمال مقومات السيادة والكرامة ووضع حد لمرحلة الاستعمار. وكان قادة هذه الأحزاب الذين اجتمعوا بقصر مارشان بطنجة، مقتنعين بأن الوقت قد حان لتجسيد إرادة الوحدة المغاربية في إطار مؤسسات مشتركة، من أجل تمكينها من الاضطلاع بالدور الملقى على عاتقها داخل المحافل الدولية. وقد تضمن جدول أعمال هذا المؤتمر أربع نقاط، تناولت الأولى حرب التحرير في الجزائر ووسائل دعمها لتحقيق استقلالها، فيما تطرقت الثانية إلى ضرورة تصفية السيطرة الاستعمارية في كافة الأقطار المغاربية، وعلى الخصوص التواجد الاستعماري الفرنسي في الإدارة والاقتصاد، وسحب القوات الأجنبية، وتسوية مشاكل الحدود بين الأشقاء. أما النقطة الثالثة، فقد تدارست سبل إنجاز الوحدة بين الأقطار المتجاورة، وما ينبغي أن يكون عليه محتواها السياسي والاقتصادي والاجتماعي، في حين اتسمت النقطة الرابعة والأخيرة بطابع إجرائي، وتمثلت في ضرورة إنشاء هيئة دائمة للمتابعة.

وصادق المشاركون في ختام هذا المؤتمر على توصية أكدوا فيها إرادتهم في العمل على تحقيق الاتحاد، وعيا منهم بضرورة التعبير عن الإرادة الجماعية لشعوب المغرب العربي في توحيد مصيرها، واقتناعا بأن الوقت حان لتحقيق هذه الإرادة في إطار مؤسسات مشتركة. ومع ذلك، تطلب الأمر انتظار زهاء ثلاثة عقود ليخرج هذا الحلم إلى حيز الوجود بإنشاء اتحاد المغرب العربي في فبراير سنة 1989 بمراكش، والذي جاء تأسيسه من أجل إعطاء دفعة جديدة للعمل المؤسس الذي تم إرساء أسسه بطنجة، وليعزز مسيرة تنمية المنطقة المغاربية لتجسيد التضامن الفعلي بين مكوناتها وضمان تقدمها الاقتصادي والاجتماعي. وتنص وثيقة إنشاء اتحاد المغرب العربي بين كل من المغرب والجزائر وتونس وموريتانيا وليبيا على “فتح الحدود بين الدول الخمس لمنح حرية التنقل الكاملة للأفراد والسلع، والتنسيق الأمني (…)، وتمتين أواصر الأخوة التي تربط الدول الأعضاء وشعوبها (…)”، وهو أمر بعيد التحقق في ظل تمسك الجزائر بالإبقاء على حدودها الغربية مغلقة، ما يرهن مصير اندماج بلدان شعوب شمال إفريقيا لسنوات أخرى. لا شك أن ما يجمع الإخوة المغاربيين أقوى بكثير مما يفرقهم، إذ الدين واحد واللغة واحدة والمصير مشترك، ورغم أن هذا التكتل كان يمتلك كل مقومات النجاح، إلا أنه ظل يحصد الخيبة تلو الأخرى، لينكسر حلم شعوب المغرب العربي في تحقيق التقدم والرفاه على صخرة الحسابات السياسية الضيقة، وعداء جزائري راسخ للمغرب ووحدته الترابية. فبرغم سياسة اليد الممدودة التي ما فتئ المغرب ينهجها تجاه الجزائر، منذ عقود، ودعواته المتواصلة لمد الجسور لتكتل مغاربي يستجيب لآمال وانتظارات شعوب المنطقة، ويواكب تحديات العولمة، وبرغم جميع المبادرات الحميدة التي بدرت عن أكثر من جهة، فإن كل المحاولات لنفخ الروح في هذا الكيان لم تتكلل بالنجاح أمام تعنت حكام الجزائر. وهكذا، فإن الاحتفاء بالذكرى الـ 65 لمؤتمر طنجة يشكل مناسبة ملائمة لإعادة إطلاق هذه المبادرة التاريخية المشتركة، ومواصلة العمل من أجل خدمة المصالح المشتركة للدول والشعوب المغاربية، وتوحيد الجهود لتجاوز العقبات وبناء اتحاد مغاربي قوي وفعال.

 

إلغاء الاشتراك من التحديثات