تازة بريس
مهام جديدة سيقوم بها المستشارون في التوجيه التربوي، بحسب مضموم مشروع القانون الخاص بموظفي قطاع التربية الوطنية الجديد، منها مشاركة المستشار في التوجيه التربوي في الأنشطة المدرسية والأنشطة الموازية. ولنأخذ مثلا حالة مستشار عمل لسنوات وسنوات من الزمن وشاخ في مهنة الضغط والمتاعب، ثم يطلب منه في خريف عمره المهني أن يشارك في تلك الأنشطة، مع غموض في تحديد المقصود بالأنشطة المدرسية والأنشطة الموازية. كيف لإطار حرم من حقوقه ومكتسباته زج به في هيئة غير هيئته الطبيعية والأصلية أن يشارك في تلك الأنشطة؟ هل تلقى تكوينا في ذلك؟ هل ذلك من صلب تخصصه؟ هل سيرتجل أم يبدع أم يقلد أم يردد أم سيكتفي بالتصفيق…؟ إطار تعرض لصدمة مهنية بعد طول تكوين وحرم من حقوقه التاريخية في تغيير الإطار إلى مفتش في التوجيه وصنف كرها في هيئة سبق له أن غادرها طواعية، كيف سينشط الحياة المدرسية؟
ووفق النظام الأساسي الجديد، سيطلب من المستشارين في التوجيه التربوي القيام بالمواكبة النفسية والاجتماعية للمتعلم (ة) . فهل سينصب المستشار في التوجيه التربوي نفسه كاستشاري أو مختص نفسي- اجتماعي بشكل فضفاض وعام وغير منهجي ودون سند (حماية) قانوي ودون تكوين طبي-تخصصي- تطبيقي ليحارب الاكتئاب والقلق وتبعات الإدمان والعزلة والانطوائية وانفصام الشخصية والوسواس القهري وفرط الحركة بالوسط المدرسي، علما أن كل تلك الأعراض أغلبها مرتبط بعوامل خارجية كالظروف الاقتصادية الصعبة والفقر والتهميش والهشاشة وغياب التتبع الأسري والمؤسسي المختص والعوامل الاجتماعية المركبة الناتجة عن الجهل والفقر والطلاق والتشتت العائلي والعوامل الوراثية والتاريخ المرضي الخ؟ وهل سيتحول مكتب أو فضاء المستشار في التوجيه التربوي إلى مكان لترويج مغالطات وأوهام التنمية الذاتية والكوتشينغ: قل أنا أسد.. ردد أنا أسد، أنا أسد…إذن أنت أسد، أنت شجاع يا بطل؟ هل سيغير ذلك شيئا في واقع خارجي سمته ظروف اقتصادية واجتماعية صعبة ومثبطة، مع غياب مؤسسات صحية-نفسية طبية متخصصة. وهل سيتحول فضاء المستشار في التوجيه التربوي إلى مكان لقراءة “الرقية التربوية” والنصح والإرشاد الدائم، رغم أن فاقد الشيء (الحافزية والتكوين) لن يعطيه…
المطلوب هو التفكير في إحداث مصالح طبية-نفسية-اجتماعية تخصصية في كل مؤسسة تعليمية والعمل بجدية على جعل المؤسسة التعليمية قاطرة حقيقية للنهضة الاجتماعية والاقتصادية والصحية والمعرفية والابداعية، وذلك بربطها المباشر بحاجيات المحيط الخارجي ومحاربة كل أشكال اللامساواة والتهميش والتمييز الاقتصادي والتنموي والبنيوي والخدماتي، وخلق تكوينات وتخصصات لها علاقة مباشرة بسوق الشغل وبناء وتصنيع الإنسان. طفل اليوم، مواطن/مسؤول/ثروة الغد… لذلك، فالمواكبة النفسية الاجتماعية التي يمكن للمستشار في التوجيه التربوي أن يقدمها حصرا ودون أي اجتهاد أو فرط حماس، تفاديا لأي تبعة أو إفراز عكسي ومضاد لتدخله، نظرا لافتقاده التخصص الفعلي (التخصص الطبي-النفسي)، هو التقليص من الحيرة والتردد (النفسيين) بشأن الاختيارات الدراسية لدى المتعلم(ة) وتفكيك التمثلات الاجتماعية حول المهن والشعب والتخصصات والمواد وإعادة بناءها وتقديمها سواء للمتعلم(ة) أو للأسر وكافة الفاعلين التربويين والاقتصاديين والمهنيين. وأي تدخل نفسي- اجتماعي لا يرتبط بالقرار وبالاختيار المدرسي والمهني والتكويني، قد يكلف المستشار في التوجيه التربوي من الناحية الأخلاقية والقانونية والاجتماعية- العلائقية والمهنية حالة فشله في ذلك الكثير، لكونه غير متخصص في ذلك علميا ومنهجيا وأكاديميا وطبيا- صحيا وتطبيقيا- إكلينيكيا رغم ما تم تلقيه في مركز التوجيه والتخطيط التربوي.