تازة بريس
ضمن تقليد تربوي علمي تواصلي بلغ نسخته الثامنة، تستضيف مدينة صفرو منتداها الوطني السنوي للتربية والتكوين. موعد بقدر عالٍ من قضايا ورهان وانصات وتراكم ينظمه المركز الجهوي لمهن التربية والتكوين لجهة فاس مكناس من خلال فرعه الاقليمي بالمدينة بداية شتاء كل سنة، وذلك بتعاون مع مختبر البحث في المعارف التربوية والعلمية ومعالم الحضارة الإنسانية وجمعية المبادرة للاشعاع الثقافي والتربوي بالمركز الجهوي لمهن التربية والتكوين. لهذا الغرض ارتأت الجهة المنظمة لدورة 25 دجنبر 2021 موضوعاً موسوماً ب:استراتيجيات التدريس بين الخلفيات العلمية والمنهجية والممارسات المهنية”، تحت شعار “الوعي باستراتيجيات وخلفيات الفعل التربوي رهانٌ لتحسين جودة التدريس ومخرجات المنظومة التربوية”. ورقة منتدى صفرو للتربية والتكوين التأطيرية، توزعت على جدول عمل بعدة نقاط، منها كون ما دأب على تأثيثه فرع المركز الجهوي سنوياً هو مبادرة منفتحة على تجارب واسهامات تروم جدلاً علميا مهنياً، وإعمال آليات بحثٍ وإشاعة قيم تواصل ثقافي ومهني من جهة، ونشر سلوك تقاسم بين باحثين وخبراء ومدبرين ومربين وجمعويين ومهتمين بقضايا التربية والتكوين، وذاك عبر تقوية التئامهم وتفاعلهم وتناولهم لقضايا وإشكاليات تخص شأن التربية والتكوين ومن ثمة رهانات المدرسة وانتظاراتها من جهة ثانية.
دورة هذه السنة توجهت بعنايتها لمسألة بقدر عالٍ من الراهنية والأهمية التربوية لدى الباحثين والفاعلين والممارسين، تلك التي تهم ما هو استراتيجي في عمل التدريس وما هو خلفيات علمية ومنهجية وممارسات مهنية فيه. ذلك أن الإشكال هو بمثابة قطب رحى في المنظومة التربوية لكونه يجمع بين ما هو علمي معرفي من جهة وفعل واجراء من جهة أخرى. الأمر الذي يقتضي ممارسة مهنية عالمة مزاولة متبصرة لمِا يتم تنفيذه يوميا في الفضاءات المدرسية، من أجل بلوغ ما هو منشود من نتائج تربوية كثيراً ما تحضر اختلالاتها ونواقصها في تقارير وطنية ودولية، لكون نماذجها التربوية ومخططاتها البيداغوجية لم تكن بما ينبغي من حصيلة، بسبب ما هناك من حلقات ضعف تقتضي بحثاً لسبر أغوارها واستكشاف خباياها. وعليه، تقول ورقة المنتدى أن الوعي باستراتيجيات وخلفيات معرفية ومنهجية وممارسات تخص الفعل التربوي، يعد رهاناً لتجويد التدريس ومعه مخرجات المنظومة التربوية. وفي هذا الاطار- تضيف- بات من المفيد تكثيف جهود استشراف واقع تعليميي أفضل، بل أكثر انسجاماً مع طموحات مشروع تنموي جديد عقب تبني مقتضيات الرؤية الاستراتيجية وترجمتها إلى القانون الإطار رقم 51.17 المتعلق بمنظومة التربية والتكوين والبحث العلمي.
ولعل تناول موضوع استراتيجيات التدريس الحديثة لا يعني الحديث عنها باعتبارها بديل أخرى قديمة أو تقليدية أو كلاسيكية، ذلك أن كثيراً من استراتيجيات تدريس حديثة هي اقتباسات وتطوير لاستراتيجيات سابقة، وأن هذا لا يعني كون استراتيجيات التدريس التي ترتب قديمة قد انتهت صلاحيتها، بل المهم ما هناك من ضرورة منهجية وعلمية لوضعِ اختياراتٍ أكثر رهن اشارة التربويين الممارسين، بكيفية تجعلهم واعين بمرجعياتها فيأخذون منها ويُجربون ما يَرَوْنهُ مناسبا للمتعلمين ولخصوصيات الفصول الدراسية. علماً أنه مهما اختلفت الاستراتيجيات وتنوعت، هناك نقاط مشتركة من المفيد مُراعاتها واحاطتها بما يجب من اعتبار مثلما يتعلق بالتخطيط للحصة الدراسية ونجاعة تدبير تعلماتها، وحفز المتعلمين وتشجيعهم والاهتمام بفروقاتهم الفردية وانشغالاتهم وفتح باب المشاركة والمبادرة والفعل أمام جميع عناصر جماعة الفصل الدراسي.
هكذا تساءلت ورقة منتدى صفرو التربوي السنوي التأطيرية حول معنى استراتيجيات التدريس وتجلياتها وخلفياتها العلمية وكيفية اسهام الوعي باستراتيجيات التدريس في الرفع من مؤشر جودة التدريس، مقترحة محاور للنظر البحثي والمقاربة والمعالجة منها أولاً- استراتيجيات التدريس الماهية والتصنيفات- مفهوم الاستراتيجية- المفهوم الحديث للتدريس-الخلفيات العلمية لاستراتيجيات التدريس-العلاقة بين الاستراتيجية والطريقة والأسلوب- مواصفات الاستراتيجية الجيدة في التدريس- مكونات استراتيجيات التدريس- معايير اختيار استراتيجيات التدريس الملائمة- تصنيف استراتيجيات التدريس- استراتيجيات التدريس المتقدمة وثانياً- استراتيجيات التعلم وأشكالها- مفهوم التعلم- مفهوم استراتيجية التعلم- تصنيف استراتيجيات التعلم- الديداكتيك واستراتيجيات التدريس والتعلم- المرجعيات والأسس العلمية والمعرفية- نماذج استراتيجية التعلم: النشط- التعاوني- العصف الذهني- المشروعات…- نظريات التعلم واستراتيجيات التدريس والتعلم وتطبيقاتها. وثالثاً – استراتيجيات التدريس وسؤال الجودة-جودة التربية والتكوين بين التنظير والواقع من خلال التكوين الأساس والمستمر لهيئة التدريس وتحليل الممارسات المهنية، وملمح استراتيجيات التدريس بالفصول الدراسية بالمدرسة المغربية واستراتيجيات التدريس المتمايز واستراتيجيات المحطات العلمية والفصول المقلوبة وتصور مقترح لتكوين وإعداد مدرس المستقبل وفق تنزيل استراتيجيات التدريس الفعال والنموذج البيداغوجي من خلال الرؤية الاستراتيجية 2015- 2030 وقانون الإطار 51.17، ومشروع النموذج التنموي المغربي الصادر في 2021 ومزايا إرساء دعائم النقاش المهني البناء والمستمر المرتبط بقضايا المدرسة، وممارسات التدريس والتعلم والحياة المدرسية.
وقد اعتمدت لجنة تنظيم منتدى المركز الجهوي لمهن التربية والتكوين بصفرو في نسخته الثامنة، نهجاً وظيفياً عملياً لإعداد وتدبير هذا الموعد في أفق منهجية فعالة ووظيفية لترتيب وأجرأة أنشطته واسهاماته العلمية التربوية، من خلال مقاربة تشاركية في بلورتها لبنية الدورة وحصر مضامينها. وعليه، تم اقتراح صيغة طلب مشاركة أولا ثم طلب مداخلة ثانياً عند قبولها، من مختلف الباحثين والخبراء والممارسين التربويين والمهتمين بقضايا التربية والتكوين والبحث العلمي، بهدف استكمال المادة المعرفية الضرورية لتغطية محاور الندوة المستهدفة، وضمان انسجامها من حيث عناصرها لبلوغ مخرجات واضحة بأهمية وفائدة وقيمة مضافة. ذلك ما ستتوزع على جلسات علمية صباحية ومسائية وتتقاسمه طروحات مشاركين ودفوعات علمية فضلاً عن مساحات نقاش خاصة من زمن المنتدى.