تازة بريس
عبد الإله بسكًمار
بتأمل بسيط من جانب أي مواطن تازي قد يكون مثقفا أو متعلما أوحتى نصف متعلم أو من عموم الناس، إزاء حصيلة ثماني سنوات من التدبيرفي المجال الثقافي ونقصد المؤسسة الوصية رسميا على القطاع وهي مديرية الثقافة، تصدمه حقيقة مؤلمة تتمثل في بؤس تلك الحصيلة، قياسا إلى إمكانيات الجهة المعنية من جهة وآمال وطموحات المثقفين الحقيقيين على افتراض وجود هؤلاء بتازة من جهة أخرى، ولكن للأسف حينما تفتقد المؤسسة الوصية على الثقافة إلى الكفاءة والنزاهة بشريا على الأقل، يصبح الكلام عن بؤس تلك الحصيلة مؤسسا وذا مصداقية حتى بمقارنة بسيطة بالعهود السابقة، فالبنية التحتية ظلت متواضعة طيلة هذه السنوات لا بل، حصل تراجع مهول في فضاءات القراءة لأن القوم كانت لهم أولويات أخرى ليس أقلها المهرجانات أو بالأحرى البهرجانات، التي يديرها الزبناء والمقربون وتبتلع حجما رهيبا من المال العام دون أي نتيجة ملموسة أو أثر إيجابي يذكر ، على صعيد التنمية الاقتصادية والاجتماعية والثقافية بتازة السيئة الحظ، وباستثناء بعض الأنشطة المحترمة التي لم تساهم فيها هذه المديرية بقدر قطمير كفعاليات نادي المسرح والسينما ومنها المهرجان الوطني لسينما الهواء الطلق وندوات قيمة لهذا النادي، وكذا لتنسيقية النسيج الجمعوي ثم مركز ابن بري التازي للدراسات والأبحاث وحماية التراث، باسثناء تلك القبسات المضيئة لم تفرز المديرية طيلة ثماني سنوات إلا البؤس والهزال .
سياسة الزبناء والمقربين شملت أيضا وطيلة ثماني سنوات ملفات الطبع والنشر، حيث الانتقائية والإنعام على المقربين دون سائر الأدباء والباحثين الذين يوجدون بتازة المنكوبة، واصدروا مطبوعات مختلفة وغير ما مرة، فهذه المديرية في عهدها العالي لم تهتم إطلاقا باقتناء أعداد من مؤلفات هؤلاء الباحثين رغم أن الأمر مشروع وقانوني، وكان العمل ساريا به قبل العهدة المشؤومة الحالية وهذا غيض من فيض. وباستثناء مسرحية عيشة قنديشة وكانت آخر عرض مسرحي قدمته فرقة من الرباط، آخر نشاط لأبي الفنون عرفته تازة فإن القحط المبين سجل في العروض السينمائية والمسرحية معا، رغم أن المدينة في كل الأحوال عرفت بفرقها المسرحية مع استمرار سياسة المقربين والمنتفعين دون باقي أبناء مدينة وإقليم تازة، فكأن المصلحة المعنية هي حكر على أفراد محظوظين وجهات بعينها وليست جهة عمومية من المفترض والمفروض فيها، أن تخدم الشأن العام وأن تكون فوق كل اعتبارات مصلحية أوحسابات ضيقة، لأن هذا هو منطوق التشريعات القانونية نفسها ولأن ميزانياتها تمتح من المال العام ومن دافعي الضرائب ببساطة، فشكلت الثماني سنوات الماضية كارثة حقا ومن هذه الناحية أيضا والغريب أن القانون يلح بوضوح على مدة المسؤولية بالنسبة لرؤساء المصالح وهي أربع سنوات، ويبدو أن هذا الأمر لا ينطبق على مديرية الثقافة بتازة واللهم زد وبارك .
التراجع الرهيب لم يكن ناجما عن الوباء كما قد يخيل للبعض خطأ، بل هو بدأ قبله بسنوات طويلة واستمر بعده ولحد الآن، ولولا إخراج مشروع المعهد الموسيقي خلال الفترة السابقة، إذ لم يكن للعهد الحالي أي فضل سواء في الدراسات أو الإنجاز، لاتسمت الثماني سنوات المشؤومة بقحط مبين بدءا بمشاريع البنية التحتية التي شهدت الإجهاز على الخزانة الوسائطية وتحويلها إلى مقر المقاطعة الحضرية الثانية، والتجميد الغريب لمشروع المركب الثقافي مولاي يوسف،الشيء الذي تتحمل مسؤوليته بالدرجة الأولى المديرية المعنية ومنذ سنوات، والركود شبه التام للأنشطة والفعاليات الثقافية باستثناء ما يشار به على المقربين، الشيء الذي لا تستفيد منه المدينة بأي شكل من الأشكال، وإذا أضفنا ما لحق المآثر التاريخية من أسوار وأبراج وأضرحة ومدارس وحصن البستيون ومسؤولية الجهة المهتمة بها في المديرية، اتضحت الصورة القاتمة لهذا الوضع المتردي الذي لم تعش المدينة مثله منذ ثماني سنوات، ناهيك عن ملفات عليها ألف علامات استفهام الشيء الذي يفرض على الجهات المعنية فتح التحقيقات اللازمة.