تازة بريس
تعرف بلادنا هذه الأسابيع موجات برد قاسية، مصحوبة بظاهرة الصقيع التي تترك آثارها السلبية على المزروعات والكائنات معا، وإذا كان كل من البرد القارص والصقيع يرتبطان بفصل الشتاء مبدئيا، فإن قساوة البرد خلال يناير الحالي تفرض على الجهات المسؤولة ونقصد مؤسسات التعاون الوطني بالدرجة الأولى ثم المؤسسات الخيرية ودور البر والإحسان وأيضا جمعيات المجتمع المدني الفاعلة في الميدان، تفرض على جميع هؤلاء الاهتمام بالفئات الهشة ومنها جحافل المشردين والذين لا مأوى لهم ولا يجدون أمامهم إلا طرقات وشوارع الكثير من مدننا ومنها تازة، فيلتحفون بأخرقة أو أثواب بالية أو أغطية قديمة اتقاء لموجات البرد والصقيع، في الأركان وبين المباني المعتمة، إذ لا يجب أن تقتصر العناية رغم أنها مطلوبة وملحة معا على المناطق الجبلية الوعرة والجهات المعزولة من الوطن وعبر المبادرة الملكية مثلا، بل يجب أن تمتد إلى شوارع المدن وميادينها، حيث يلتحف كثير من المواطنين السماء في هذا البرد الصقيعي وبأغطية لا تفي بالحاجة مهما كانت متوفرة .
نتصور أن هؤلاء المشردين هم جزء منا، هم بعض من الوطن رغم كل شيء، دفعتهم ظروفهم القاسية إلى احتضان الشوارع وخاصة اليافعين والأطفال فضلا عن الكهول والشيوخ، يقاسون من زمهرير البرد القاتل وتداعيات الصقيع القاسي، هذا إضافة إلى الأبعاد الإنسانية لعملية جمع المشردين وإيوائهم خاصة في هذه الأيام القاسية، ونذكر هنا دور المجالس العلمية المحلية ومنها مجلس تازة والذي من مهامه ضمان سبل التكافل الاجتماعي، وتفعيل أعمال البر والإحسان التي حظ عليها الإسلام الحنيف ومنها منطوق الحديث النبوي الشريف”لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه” .
إن جمع شتات مشردي الشوارع والأزقة والميادين، وهم بالعشرات في تازة والضواحي لهو من صميم العمل الإنساني والوطني معا، ويمكن أن نمثل بنماذج فقط من شوارع محمد الخامس– بير أنزران – زنقة الرباط – حي العلويين فضلا عن بعض أزقة ودروب المدينة العتيقة، حيث يصدم المرء بوجود أجساد تلتحف الثرى هنا و هناك، هي لمشردين يفتقرون إلى أي مأوى، إما يعانون من خلل عقلي أو قذفتهم شروط الحياة المزرية إلى الشوارع، ونتمنى أن تنتبه كل الجهات المعنية إلى هؤلاء وأن تجد لهم مَآوٍ من البرد القارس حتى لا يداهمهم الهلاك المحقق والموت الزؤام ، وهو أضعف الإيمان.