تازة بريس
بسبب المنهجية الاحادية التي اعتمدتها وزارة العدل في إعداد مسودة مشروع قانون المحاماة بالمغرب، و”إقصائها للمؤسسات والاطارات المهنية” من المشاورات، وما ترتب عنها من توتر في العلاقات بين المحاميات والمحامين وبين وزير العدل بالمغرب، على إثر ما هناك من جدل يخص عددا من القضايا والملفات التي لم تخضع للمقاربة التشاركية، بداية من الاعلان عن تنظيم الامتحان الخاص بمنح شهادة الأهلية لممارسة مهنة المحاماة، مرورا باخراج مسودة مشروع قانون لتنظيم المهنة التي توالت صوب بنودها وكيفية إعدادها عدة انتقادات، وانتهاء باخراج مشروع قانون المالية برسم سنة 2023 ، والذي يتضمن مقتضيات تلزم المحامين بالأداء المسبق للضريبة على الدخل، اعتمادا على اتعاب مرجعية مخافة للواقع مع مضاعفة الضريبة على القيمة المضافة، وهو ما اعتبره المحامون اغتيالا لوضعيتهم الاقتصادية والاجتماعية. ولعل درجة الاحتقان حول الموضوع، هو ما كان وراء قرار تنظيم وقفة احتجاجية من طرف آلاف المحاميات والمحامين عن كل جهات ومناطق ومدن البلاد، يوم الجمعة الأخير 21 اكتوبر الجاري أمام مقر وزارة العدل بالرباط، تلك التي شاركت فيها كل الهيئات والاطارات المهنية للمحامين بحضور نقباء من بعض الهيئات .
وكانت أسرة البذلة السوداء ورسالة الدفاع بالمغرب قد رفعت في وقفتها الاحتجاجية هذه، جملة شعارات بحمولات مطلبية عدة لإبلاغ صوتها لمن يهمه الأمر. وموازاة مع ذلك رفض مكتب جمعية هيئات المحامين بالمغرب بعد اجتماع لساعات ونقاش مستفيض المسودة المسربة للقانون المنظم لمهنة المحاماة وشروط الامتحان الخاص بمنح شهادة الأهلية، داعيا للالتفاف حول المؤسسات المهنية من أجل فرض أرضياتها وملفاتها الأساسية في حوارها مع الوزارة الوصية. وفي خضم هذا الاحتقان المهني وبعد يومين فقط من وقفة الرباط الاحتجاجية هذه، تم توجيه رسالة مفتوحة من طرف العديد من اعضاء مجلس جمعية هيئات المحامين بالمغرب من اجل عقد جمع عام استثنائي مستعجل، وذلك لتحديد الخطوات النضالية اللازمة- بحسب الرسالة- لمواجهة الاجحاف الضريبي في حق المهنة. وهي الرسالة المفتوحة التي توصلت جريدة تازة بريس بنسخة منها والتي وقعها لحد الآن زهاء تسعين عضوا بمجلس الجمعية. وهي الرسالة التي وردت كمايلي:
رسالة مفتوحة: دعوة لعقد جمع عام استثنائي مستعجل لمجلس جمعية هيىات المحامين بالمغرب لتقرير الخطوات النضالية اللازمة لمواجهة الاجحاف الضريبي في حق المهنة
السيد رئيس جمعية هيئات المحامين بالمغرب، السيدات و السادة أعضاء مكتب جمعية هيئات المحامين بالمغرب، السيد الرئيس المحترم، السادة النقباء الأجلاء، الزميلات و الزملاء المحترمين أعضاء المكتب، نحن الموقعين أسفله، أعضاء مجلس جمعية هيئات المحامين بالمغرب، نتشرف بأن نوجه لكم هذه الرسالة المفتوحة بمثابة صرخة نابعة من الحرقة على ما يحاك من مؤامرة ضد رسالة الدفاع و نداء أخوي يناشد غيرتكم المهنية و حس المسؤولية التي تحملون على أكتافهم و تطوق أعناقكم أمام زميلاتكم و زملائكم و أمام التاريخ. لقد فوجئ عموم المحاميات و المحامين بالمغرب بالمقتضيات الضريبية الجديدة التي تضمنها مشروع قانون المالية و الذي أحيل على البرلمان خلسة و بدون أدنى تشاور مع المؤسسات المهنية و الإطارات التمثيلية للمحامين، في الوقت الذي ظل المحامون لسنوات ينادون بضرورة إيجاد نظام ضريبي عادل يراعي خصوصية رسالة الدفاع و دورها في تحقيق العدالة و الدفاع عن الحقوق و الحريات و يأخذ بعين الإعتبار المعطيات الاقتصادية و الإجتماعية للمحامين و شروط الممارسة المهنية بالمغرب.
إن هذه المقتضيات التي لم تأتي في إطار حل شمولي يوجد نظام ضريبي عادل يمكن المحامين من أداء واجبهم الضريبي كمواطنين و القيام بمهام و أعباء رسالتهم النبيلة بالشكل الأمثل، و بالتالي فإنها تشكل أداة للإغتيال الاقتصادي و المهني للفئات العريضة من المحاميات و المحامين الذين يئنون تحت ضغط أوضاع اقتصادية و اجتماعية لا توفر لهم شروط ممارسة مهنية كريمة و لائقة بثقل مسؤوليات الدفاع عن حقوق و حريات المواطنين. إن هذا المنعطف الذي أخذته الهجمة الشرسة و الممنهجة على رسالة الدفاع يبين بجلاء أن مصير غالبية المحاميات و المحامين أصبح على كف عفريت، و لقد بات من الواضح أن القواعد المهنية استشعرت خطورة الوضع و ما يتطلبه من رد نضالي مستعجل و حاسم. إن الوضع الحالي أصبح وضعا حارقا و لا يحتمل التردد أو التأخر في إنتاج الفعل النضالي المناسب لرد العدوان على رسالة الدفاع، و لقد أضحت مسؤولية أجهزة جمعية هيئات المحامين بالمغرب مسؤولية جسيمة تستوجب على كل عضو منتخب أن يتحمل مسؤوليته الكاملة في التعبير عن ما يعتمل في صدور المحاميات و المحامين و إنتاج الفعل المناسب الذي ينتظرونه و يطالبون به لنستحق جميعا صفتنا التمثيلية و نتجنب لعنة خذلان رسالة الدفاع. و أمام الصمت المطبق لمكتب جمعية هيئات المحامين بالمغرب في سياق لا يحتمل الصمت و لا يقبل التأخر عن قيادة انتفاضة المحامين في مواجهة هذا التهديد الخطير لمستقبلهم المهني، فإن أعضاء مجلس الجمعية لا يسعهم أن يبقوا مكتوفي الأيدي و لا يمكنهم أن يتحملوا تبعات محاسبة الضمير و التاريخ في وقت غدت فيه مهنة المحاماة مهددة في وجودها حاضرا و مستقبلا و لنتذكر أن “أفضل مكان في الجحيم محجوز لهؤلاء الذين يبقون على الحياد في اوقات المعارك الأخلاقية العظيمة”
لهذه الأسباب:
فإننا نتحمل مسؤوليتنا و نبرئ ذمتنا أمام زميلاتنا و زملائنا و أمام التاريخ بتوجيه هذه الرسالة المفتوحة التي ندعو من خلالها السيد رئيس جمعية هيئات المحامين بالمغرب و السيدات و السادة أعضاء مكتب الجمعية إلى تحمل مسؤوليتهم الأخلاقية و المهنية و التاريخية في الدعوة إلى عقد جمع عام استثنائي لمجلس الجمعية باعتباره برلمان الجمعية الذي يضم أعضاء مجالس الهيئات المنضوية تحت لواء الجمعية للتقرير بشكل وطني موحد بشأن الخطوات النضالية اللازمة لمواجهة المقتضيات الضريبية الظالمة التي يوشك البرلمان على المصادقة عليها و ذلك خلال هذا الأسبوع قبل اجتماع لجنة المالية بالبرلمان دون احترام لأي أجل اعتبارا لحالة الاستعجال القصوى. تقبلوا فائق التقدير و الاحترام .. الموقعون : (حوالي مائة محامية ومحام)