تازة بريس

حول سلك الدكتوراه وشروط خلف رافع للتدريس بالمؤسسات الجامعية..

-

تازة بريس

يشكل إعداد أو تكوين الدكتوراه سقفا للتعليم العالي ومحطة بقدر كبير من الأهمية ضمن مستوياته، علما أن نظام الاشتغال الذي كان معمولا به قبل حوالي العقدين من الزمن هو“دكتوراه الدولة”، التي كانت تمتد لسنوات دون زمن محدد، ومنها من تمت مناقشته كما هو غير خاف بعد 20 سنة من الإعداد فبلغت ما بلغت من العطاء والتميز والحفر والاضافة. علما أن بعض طلبة سلك الدكتوراه الى جانب ما كانوا عليه من انكباب على مشروعهم وأطروحتهم، كانوا يقومون بمهمة التدريس ومن ثمة ما كانوا يتمرسون عليه من فعل بيداغوجي واكتساب للتجربة والخبرة المهنية عبر ما كان يتوفر لهم من فرص ومساحة احتكاك وسؤال واضافة وتجريب وأخذ وتبصر وتحليل ممارسة هنا وهناك، فضلا عما كان يتوفر لهم ايضا من فرص مشاركة وتجريب وتفاعل في ندوات علمية ونشر ومنشورات جماعية مؤسساتية وخبرة علمية جامعية تأطيرية طيلة فترة إعدادهم لشهادتهم”الدكتوراه”. ولعل بعد هذا المسار التكويني والتأهيلي الذي طبع “دكتوراه” الجامعة المغربية لعقود من الزمن، ركبت هذه الأخيرة موجة اصلاح أخرى ضمن نهج آخر منذ حوالي عقدين من الزمن وهو ما عرف ب “L M D “(اجازة – ماستر- دكتوراه)، ذلك الذي بات معه طالب سلك الدكتوراه ملزما بإعداد وانهاء أطروحته في مدة زمنية قصيرة (ثلاث سنوات) بعد شهادة ماستر طبعا في سنتين.

ويسجل أنه بقدر ما تم تنزيل هذا الخيار البيداغوجي الذي لا يزال ساريا، بقدر ما أفرز جملة تساؤلات منذ بداية اعتماده بعد ما تبين من ثغرات عميقة في مسار تكوين الطالب الباحث، لعل  منها كون شهادة الماستر كتلقي وتكوين وتأهيل وحمولة معرفية وتخصص، غير كافية لجعل طالب بصدد تحضير دكتوراه بما ينبغي من نسقية وتملك لمنهجية بحث وآليات تحرير بحثي وغيره من المهارات ذات الصلة، وثانيا ما تبين من كون ما بجعبته من زاد علمي لا يسمح له بمواصلة دراسته العليا وفق ما ينبغي ايضا من قدرة وكفاية وتملك وتمكن، وللوضعة علاقة بأسباب وتجليات عدة ومتداخلة منها ما يرتبط بطبيعة ما هناك من تأطير وآليات تقويم وتوجيه ومصاحبة ودعم. مع أهمية الاشارة الى أنه رغم ما تم توفيره من تكوين مواز ولقاءات وانفتاحات من قبل مختبرات ومعه مراكز دكتوراه، تبين أن مسار الطالب الباحث في سلك الدكتوراه بثغرات وخصاص على أكثر من مستوى، وأنه كثيرا ما يجعل من موضوع وعنوان بحثه اطارا مغلقا لذاته إن هو تمكن منه وكان فيه بجديد وتطوير واضافة وتميز واخلاقيات بحث.

وهذا الايقاع من تكوين الطالب جعله عند حصوله على شهادة الدكتوراه بأعطاب عدة، تخص مكتسباته ومهاراته إن في مستواها المعرفي أو المنهجي، لدرجة قد يجد نفسه بسبب قصر مدة التكوين(ثلاث سنوات فقط) دون تحكم لا في موضوع وإشكال بحثه ولا فيما ينبغي من تقاطعات ومقاربات وتطارح ومطارحات علمية. ولعل واقع تدني مستوى المتخرجين عن سلك الدكتوراه والحاصلين على شهادات وفق النظام الحالي، أمر وقلق غير خاف عن مشرفين ومؤطرين ومكونين ولجان تتبع ومؤسسات حاضنة جامعية وغيرها، وهنا لا يمكن استثناء تخصص عن آخر ولا مجال آداب عن علوم  فتقريبا الكل في الهوى سوى كما يقال، بدليل ما يسجل من تراجع في مستوى من يتقدم لمباريات التعليم العالي كأساتذة مساعدين، وهنا سؤال الحصيلة والخيار البيداغوجي الجامعي المعتمد، وسؤال سبل وآليات وموارد ضمان التلاقح المنشود من أجل خلف حقيقي رافع للتدريس بالمؤسسات الجامعية، وفق ما ينبغي من شروط وجودة ونتائج خدمة لبلاد وعباد في زمن تحديات معرفة واقتصاد.

 

إلغاء الاشتراك من التحديثات