تازة بريس

تازة : ندوة علمية وطنية حول “الرحلة والتعلمات أية تصورات وتمفصلات” ..

-

تازة بريس

صورة التعلمات على وقع الرحلة في سياقاتها واحالاتها وتمثلاتها الفكرية والبيداغوجية، وصورة تربية وتكوين وتأهيل وتأطير وتمدرس ومدرسة بين ماض وحاضر ورؤية وتطلعات وتوقعات. هو ما ارتآه الفرع الاقليمي للمركز الجهوي لمهن التربية والتكوين بتازة، مساحة تأمل وموضوع ندوته العلمية الوطنية الربيعية في نسختها الثانية لهذه السنة، من خلال فريق البحث “الديداكتيك والعلوم والتاريخ”، بتعاون مع مختبر البحث في المعارف التربوية والعلمية ومعالم الحضارة الانسانية. ندوة ربيع هذه السنة بالمدينة تروم مساحة جدل موسوم ب”أدب الرحلة والتعلم: نحو تصورات وتمفصلات جديدة”، في أفق ما ينبغي من قراءات وتقاسمات رافعة لوضعيات تعلمات وشأن تربية تكوين.

وغير خاف عن باحثين ودارسين وفاعلين تربويين عموما، ما حصل منذ تسعينات القرن الماضي من تغيرات عدة ومتداخلة، وما كان لتكنولوجيا اتصال ورقميات من أثر معبر في إعادة موضعة وتدبير عدة مجالات، منها ما شمل نُظم وموارد حقل التربية والتكوين بالمغرب، ومن ثمة مساحة رحلة وتعلمات لا شك أنها ستكون على وقع هندسات وتصاميم وآفاق أخرى قادمة. ولعل كل هذا وذاك من كائن وممكن يجعل سؤال كل باحث ومهتم بقدر كبير من الأهمية، حول ما هناك من تعلمات وسياقات وتجليات الرحلة التربوية والبيداغوجية بفهمها العام، في خضم زمن رقمي وذكاء اصطناعي وزخم تدفق متداخل صوب هذا وذاك، فضلا عما هناك من سؤال حول مستقبل الرحلة والتعلمات ضمن بيئات وبنيات وخبرات وايقاع شبكات جديدة ومجتمعات. ناهيك عما بات من حديث واسع عن واقع تقني رقمي حديث، وما هو متوقع من تغيير عميق إثر ما بات متوفرا من بيانات ضخمة وبناء افتراضي ومنصات تعلم. هكذا جاءت ندوة”أدب الرحلة والتعلم: نحو تصورات وتمفصلات جديدة”، من أجل ما ينبغي من انصات في زمن برمجيات وتطبيقات ذكية ومن تفكير نقدي ايضا وحل لمشكلات وبناء مكتسبات ومشاريع أكثر جذبا وابداعا.

فلماذا بسط موضوع “الرحلة والتعلمات” للدراسة والمقاربة والمراجعة، وأية رحلة وتعلمات بعيون أدبٍ وتاريخٍ وفلسفةٍ وتراثٍ وعلوم تربيةٍ وتجارب وغيرها، وأية مساحة تكوين وتأهيل وتأطير وتمفصل جديد رافع، وأي تذكير وتحليل وإعادة تفكير وتشكيل لعلاقة الرحلة بالتعلمات في ضوء زخم نظريات وجدل معرفة وبيداغوجيا. كلها أسئلة بحث وغيرها، هو ما تتوزع عليه ندوة الفرع الاقليمي للمركز الجهوي لمهن التربية والتكوين- تازة، والتي ينظمها مختبر البحث في المعارف التربوية والعلمية ومعالم الحضارة الانسانية، من خلال اسهامات أساتذة باحثين ومكونين تربويين عن عدة مراكز ومعاهد ومؤسسات تكوين وطنية، تروم ما ينبغي من دينامية بحث تربوي ومقترح وتطوير فضلا عن حركية جدل داعم لشأن وتعدد مقاربات وأثاث مدرسة وتربية وتكوين.

إن سياق ورهان ندوة تازة العلمية الوطنية الربيعية في دورتها الثانية، وطرحها موضوعا تربويا بيداغوجيا جديرا بالتأمل والنقاش”أدب الرحلة والتعلم: نحو تصورات وتمفصلات جديدة”، هو ما يقتضيه شأن التربية والتكوين والمدرسة المغربية من إعداد واستعداد وتوجه للمستقبل، عبر ما ينبغي من تسلح بثقافة بحث ودراسة وتطارح ومقترح وبادرات اجرائية، فضلا عن إعادة نظر في أمر عدد من المفاهيم والأدوار والأفكار والرؤى …، بعيدا عن كل انكماش وإسقاط وحقة مغلقة، وعيا من الندوة والجهة المنظمة لها بكون مستقبل التربية والتكوين ومن ثمة مستقبل المدرسة المغربية يولد من رحم واقع وحاضر هذه المدرسة. وعليه، ما ينبغي من ديمومة وإغناء لسبل وآليات العمل والتجريب فضلا عن مراجعة وتصويب ما هناك من أخطاء وتعثرات عبر آلية التجديد والنقد البناء دون خجل. وغير خاف أن التربية والتكوين هما بوصلة مستقبل البلاد والعباد ورهانهما وأفقهما في التطور والتغيير والنماء، وأن التربية والتكون هما القيم الانسانية والهوية الوطنية معا. وعليه، ما هناك من حاجة لأبحاث ودراسات، تلك التي من شأنها جعل المدرسة مختبرا ومنتدى اكثر دينامية وحوارا وجدلا، بل مجالا للابتكار ومحترفا للابداع،ومساحة مفتوحة متجددة للرحلة والتعلمات والتفاعل المستمر.

من هنا أهمية وقيمة تعليم التفكير وتدريب العقل على التفكير بعيون ندوة تازة هذه، من أجل بحث مستمر عن أجوبة وكذا متعلم مرن منفتح حامل لمهارات وخبرات متشبع بقيم ومستوعب لعلاقات وضوابط وحكامة وعميق فهم. فالتربية والتكوين ومن ثمة المدرسة لم تعد هي الكم ولم تعد تقاس بمعياره في زمن الرقميات وآليات تواصل وتقنيات جديدة، أن مهمتها باتت في ضوء ما هناك من متغيرات جديدة، توجيه عنايتها الكافية لِما هو كيف ونوع بتركيزها في رحلات تعلماتها ووظيفتها على مفاهيم ومهارات حياتية وقيمية، وعيا بأن تكريس وترسيخ مبدأ الحرية والنقد والتفكير والتعبير عن الرأي عبر التربية والتكوين والمدرسة والتجديد، هو ما من شأنه إعداد جيل رافع لشأن وقيمة الحوار من اجل حل المشكلات. هكذا هي ندوة”أدب الرحلة والتعلم: نحو تصورات وتمفصلات جديدة”، التي ينظمها فرع المركز الجهوي لمهن التربية والتكوين بتازة يوم 27 ماي الجاري عبر جلستين متوازنتين، صباحية ومحور أول موسوم ب”الرحلة وآفاق التفكير” حيث خمسة مداخلات علمية، ثم مسائية ومحور ثان موسوم ب”الرحلة والمعرفة المتشظية” حيث خمسة مداخلات علمية.

ولعل ندوة ربيع تازة هذه السنة في دورتها الثانية بفرع المركز الجهوي لمهن التربية والتكوين، بقدر ما تقوم أولا: على مقاربات عن عدة تخصصات، وعيا بما هناك من تداخل علمي وتعدد معرفي مؤثث لقضايا التربية والتكوين، من قبيل علم النفس وعلم الاجتماع والعلوم السياسة والاقتصاد والتاريخ ..، على أساس أنه ليست هناك”علوم للتربية”بالمعنى الدقيق للكلمة وفق نظر رائد ومؤسس السسيولوجيا المغربية محمد كًسوس، الذي من جملة ما أورد في انفتاحه البحثي على شأن المدرسة والتربية والتكوين، أن من الخطأ الإلحاح على علمية هذا حقل “علوم التربية”، وكأن الأمر فيها يتعلق بقضايا دقيقة من قبيل ما هو فزياء ورياضيات وغيرها، مضيفا في هذا السياق أن ما حصل من إلحاح كان وراء جملة متاعب لا تزال أثارها ماثلة حتى الآن. بقدر ما تروم ندوة تازة هذه ثانيا: انفتاحا وتفاعلا وتحفيزا أكثر على البحث والدراسة من أجل حياة وقيم وثقافة وجدل تكويني مهني مستدام، فضلا عن تقاسم مقاربات ومقترح وتقوية تواصل وتناول لِما هو قضايا تربوية وانتظارات مدرسة مغربية عمومية.

إلغاء الاشتراك من التحديثات