تازة بريس
لعل مما يسجله كل زائر لتازة من ملاحظات عفوية أولية، كثرة ما بها من حفر وثقب ومخلفات ما يحصل من اشغال تهيئة، تجعل شوارع المدينة بمشهد مشوه فضلا عن أزقة احياءها هنا وهناك بشكل مثير للانتباه، وهذا أمام أعين الجميع ممن يمر عبرها يوميا من مسؤولين ومنتخبين وغيرهم. علما أن هذه الحفر والتشويهات الطرقية المعرقلة من جهة لحركة للسير عندما يضطر اصحاب السيارات والدراجات للتوقف فجأة، ناهيك من جهة ثانية عما هناك من أثر سلبي لهذه الوضعية الطرقية وهذه الحالة التي باتت شبه دائمة داخل المجال الحضري للمدينة على الحالة الميكانيكية للسيارات.
ويسجل أن ما بلغته المدينة من مشهد مشوه لطرقها الحضرية عبر جميع احياءها، هو واقع غير مسبوق من حيث درجته. بحيث مئات الحفر والتهدلات الناتجة عن اشغال تهيئة يبدو أنها لم تحترم ما هناك من التزامات في دفاتر تحملاتها. واحوال المدينة هذه والتي تسحق به وصف مدينة منكوبة كما يفضل الكثير نعتها به، أثارت ردود فعل عدة ومعه استنكار واسع للساكنة عبر مواقع التواصل الاجتماعي. ولا أحد عموما ممن يقطع طرقات وأزقة المدينة ولا تستوقفه هذه المشاهد المقززة احيانا في قلب المدينة وشوارعها الرئيسية، وكأن مشاهد اللامبالاة والحفر وعدم انهاء الأشغال وترميم الثقب المتبقية عنها باتت هي القاعدة، وأما الاستثناء فهو الالتزام وبوراش أشغال وفق ما يقتضيه القانون من دفاتر تحملات ومساطر ذات صلة. هكذا باتت تازة بمشهد حضري مشوه وبشكل غير مسبوق، حيث كل الطرق والشوارع والأزقة على درجة آلاف الحفر وكأن ما تعرفه المدينة من أوراش (قنوات ماء، هاتف، كهرباء، ..) تستهدف التخريب وليس الاصلاح والتهيئة، وهو ما بات حديث الساكنة في البيوت واللقاءات والمقاهي ومكاتب الادارات وغيرها.
فأية أساليب تدبيرية محلية جماعية ومرفقية عمومية معنية، وأي حاضر ومستقبل تنموي للمدينة والحالة هذه من لامبالاة ولا رقابة ولا تتبع ميداني، ومن ثمة ما هناك من عبث ترابي حضري وفوضى محبطة غير مشجعة على الاستقرار والاستثمار بالمدينة ناهيك عن حلم المدينة السياحية. فما المانع من وقوف الجهات المعنية على ما يشوه صورة المدينة ويبخسها ويفقدها قيمتها، ويجعل منها مدينة حفر بامتياز لا غير وبشكل غير مسبوق في تاريخ التدبير الحضري لها. لماذا تتعثر بعض اشغال ابعض المقاولات التي تكون طرق المدينة وأزقتها وشوارعها جزءا من اوراشها، ولماذا لا تلتزم هذه المقاولات بالمدة المحددة لها وما التزمت به من ترميمات واعادة الأمور لما كانت عليه بعد انهاء اشغالها،. وبماذا نفسر غياب التتبع وترك المدينة بهذه المشاهد المقززة ومعها المواطن وجها لوجه مع واقع حال، يزيد من تهميش وعزلة المدينة وتسويق صورة غير لائقة عنها عوض ما ينبغي من صورة جاذبة محفزة على الزيارة والاستقرار والاستثمار، اسوة بما توجد عليه عدد من المدن الأخرى المغربية. لماذا لا تستحضر المقاولات المعنية بالأشغال الحضرية ومن خلالها مقاولون، ما يجب من بعد مواطناتي وصالح عام وواجب التزام بالقانون، بما في ذاك تجنب ما يتسبب من اكراهات للمواطنين ولخدماتهم وممتلكاتهم، من قبيل ما هناك من حفر وتجويفات وثقب هنا وهناك عبر كل تراب تازة الحضري، ناهيك عما هناك من اسئلة حول جودة ما ينجز من ترميمات وترقيعات متسرعة في علاقة طبعا بما هناك من بطاقة تقنية ملزمة.
ألم تعد تازة والحالة هذه بحاجة لتكتل وائتلاف لمكونات مجتمع مدني محلي، لرفع صوتها عاليا كل من موقعها من اجل مدينة بقدر معين من الاهتمام والعناية وشروط عيش واستقرار وتنمية ودينامية سياحية تثمينا لصفتها وتصنيفها تراثا وطنيا. ألم تعد الفعاليات الجمعوية القانونية والحقوقية بالمدينة على درجة من المسؤولية في الترافع على واقع مدينة بات مثيرا للانتباه، ورفع صوت الساكنة عبر القضاء وفق ما يسمح به القانون. ألم تعد تازة الآن في غياب بديل تواصلي بحاجة ملحة لفعل المجتمع المدني، من إعلام حقيقي ونشطاء قانونيين وحقوقيين ومهنيين ومنعشين وبيئيين وباحثين ودارسين وأعيان وغيرهم، للتنديد بما هناك من اجهاز على المدينة خلال السنوات الأخيرة، بحيث لا ثقافة ولا استثمارات ولا تهيئة حضرية ولا مخطط اقتصادي..، فقط الحفر والثقب عبر الطرقات اينما حل المواطن وارتحل بالمدينة عموما، مع المطالبة عبر السبل القانونية والمساطر بما ينبغي من تحقيق فيما توجد عليه المدينة من مشاهد تخريب مؤثر على السير الطبيعي للحياة. والعمل للكشف عما هناك من خروقات تخص عدم التزام المقاولات واشغالها في التهيئة بما تنص عليه دفاتر التحملات، لتجنب ما يحصل من حفر وثقب ومعها اساليب ترميم لا تنسجم مع القانون وتطلعات الساكنة، علما أن ما يصرف على هذه الأشغال هو مال عام يقتضي مساءلة وربطا للمسؤولية بالمحاسبة.