تازة بريس

تازة : باب الجمعة الأثري بين سؤال الموقع والعبث بالمكان زمن الحماية ..

-

تازة بريس

عبد السلام انويكًة

بقدر ما توجد عليه تازة المدينة العتيقة من غنى أثري وتعمير بشري، بما فيه ذلك الذي يعود لزمن ما قبل التاريخ بالمنطقة. بقدر ما يسجل من لبس وصعوبة تحديد عدد من مواقعها، ومن حاجة لما ينبغي من معطى تاريخي بنوع من الحقيقة النسبية الى حين، لتكوين فكرة حول ما هو تعمير تاريخي يخص مجال المدينة العتيق، فضلا عما حصل من امتداد مجالي وتمدد للمدينة عبر العصور ومعها أثر الكيانات السياسية التي حكمت المغرب.

ولعل ضمن هذا وذاك من بعض اللبس المعرفي التاريخي المجالي الذي لا يزال قائما، ما يخص مواقع بعض ابواب المدينة التاريخية وعدد من مخرجات ومدخلات بعض ازقتها وكذا دروبها وفضاءاتها ومعالمها التاريخية الروحية والدفاعية والسياسية وغيرها. الأمر الذي يجعل مسار تعمير وتوسع المدينة منذ العصر الوسيط وكذا بعض أثاثها العمراني في عدد من مكوناته، بحاجة لمزيد من الأبحاث المعمقة والدراسات منها ما هو ذو طبيعة أركيولوجية. فكثيرة هي أمكنة المدينة التاريخية، بقدر ما يبدو من وضوح لمعالمها في الذاكرة المحلية وفي التداول المحلي، بقدر ما هي بحاجة لسؤال تاريخي رصين مؤسس. ومن هذه الأمكنة نذكر بعض أبواب تازة من حيث تدقيق مواقعها، بعد ما حصل عبر زمن تازة البعيد منه والقريب من وقائع واحداث وتطورات، آخرها ما شهدته المدينة إثر احتلالها من قِبل القوات الفرنسية في 10 ماي 1914، من تعديل وتغيير واعادة توجيه للضرورة الأمنية آنذاك، ومن فتحات هنا وهناك لاغراض عسكرية داخل المجال العتيق على حساب الإرث التاريخي المادي التاريخي، خدمة وانسجاما مع ما اعتمدته من استراتيجية وخطط لإحكام سيطرتها على أركان المدينة، وحماية عملياتها وتحركاتهاوعتادها وسبل تواصلها مع محيطها.

وعليه، ما يطرح من سؤال حول موقع باب الجمعة الفوقية والتحتيةمثلا، والتي تحدثت عنها تقارير السلطات الاستعمارية من خلال ما وضعه وبلغه بعض الضباط الفرنسيين الذين تم تكليفهم بمهمة جمع المعلومة المجالية لأغراض أمنية، والذين قد يكونوا اعتمدوا فقط على ما التقطوه من رواية شفوية عن الأهالي في ظرفية صعبة لم تكن بما يكفي من الثقة والتعاون. وهذه الصورة التي تعود لسنة احتلال تازة ولأول توغل بها من قبل الجنرال بومكًارتن، هي أرشيف بإشارات تخص باباً أول يبدو أنه اندثر من المكان أو تم ردمه وقد يكون أساسه لا يزال موجودا بنفس المكان بهذا المدخل الأثري الشرقي لمدينة تازة، ثم هناك باب ثان قد يكون هو الباب الحالي الذي لا يزال قائما وربما هو الباب التحتي، بحسب ربما ما كان متداولا بين الأهالي إبان احتلال المدينة، وهو ما أورده هؤلاء بشكل غير دقيق في تقارير أبحاث استعلامية من قبيل ما جاء به “كومباردو” مثلا. وهنا يحق السؤال حول هل الباب الأول الذي اندثر عن آخره ولم يعد له أي أثر، كان يرتبط بالسور الأثري المريني المزدوج بالجهة الشرقية للمدينة(سور داخلي)، وهل الباب الثاني في نفس المكان وقد يكون هو باب الجمعة الشهير الحالي، كان يرتبط بهذا السور المزدوج المريني (سور خارجي). وهذا ما عرجنا عليه من خلال تساؤلات ذات صلة في مؤلفنا “تازة صفحات من تاريخ مدينة”، الى حين ما ينبغي من دراسات وإنصات أهم وأعمق وأفيد لمجال تازة العتيق، على مستوى عدد من أمكنته العمرانية ذات الطبيعة الاثرية التاريخية.

إلغاء الاشتراك من التحديثات