تازة بريس
ذو شجون، هو كل حديث عن الأثر المادي التاريخي وعن التعمير والعمارة التاريخية بمدينة تازة، وكل حديث ايضا عن علاقة هذا وذاك بطبيعة موقع وموضع وممر وكذا جبل تازة، وعن جدل مكان وما افرزه هذا الجدل من تراث محلي وتجلي شاهد، هو نتاج تراكمات عبر عصور ومن خلالها فترات فاصلة محددة منذ على الأقل مغرب العصر الوسيط. ولعل ما تحضنه تازة من تراث مادي ولا مادي عموما، يستمد قيمته التاريخية من كونه يحفظ ما هناك من ذاكرة محلية، وكذا أدوار وتفاعلات طبعت المدينة عبر قرون من الزمن. وأنه بقدر ما هذه المدينة كمستقر من حواضر المغرب العتيقة الضاربة في القدم، وقد ارتبطت سلطتها الرمزية الترابية بممرها الشهير “ممر تازة “ومناعة شرفتها بحكم الجبل، بقدر ما طبعها من عمارة تاريخية شاهدة على تجليات فترات شدة واستقرار معا ، وعليه، ما هناك من كائن فسيفساء وتنوع وتموقع أثري وكذا تفردات. ويسجل أنه رغم ما هناك من عناية وتراكم وكتابة واشارة حول العمارة التازية التاريخية التي بهذا الغنى والزمن، نعتقد أنها لا تزال مجالا ببياضات في جوانب عدة معرفية فضلا عن جدل طبونيميا وحاجة اركيولوجية، وعليه، ما هناك من حاجة لمزيد أبحاث ودراسات شافية، من شأنها إغناء ما هو علمي وما هو وعاء معرفة تاريخية محلية، في أفق نصوص اكثر سعة وتنويرا.
عن زمن تازة وأثرها التاريخي هذا، وحول ما هو دفاعي من هذا الأثر، وحول الجبل والموضع وموقع المدينة المنيع، وعن الأثر المادي العسكري المحلي الشاهد، في علاقته بمن حكم المغرب من التجارب السياسية منذ العصر الوسيط من جهة، وبتوسع المدينة وتمددها منذ القرن السادس الهجري من جهة اخرى، وهو التوسع الذي بدأ من جهة الشمال حيث الشرفة والأجراف وحيث “أشرقيين” وأصل النواة .. باتجاه الجنوب. وعن خاصية وعلاقة موضع تازة بالجبل، ذلك الذي يستشف من اشارات ما ورد في قولة خاصة للاديب والمؤرخ لسان الدين بن الخطيب عن المدينة في مؤلفه “معيار الاختيار”، ” تازة .. بلد امتناع وكشف قناع ..” الخ، وعن زمن تازة العسكري وما طبعه من عمارة واحداث ووقائع وغيرها، وعما لا يزال شاهدا ضمن هذه العمارة من أسوار وابواب وابراج وخنادق وحصون “حصن تازة السعدي” (البستيون). حول كل هذا وذاك من السؤال والمعلومة والاحالة .. ، كل هذا من الاشارات التاريخية والمعطيات وغيرها مما هو ذو صلة، هو ما ناقشه الاستاذ عبد السلام انويكً عضو مركز ابن بري للدراسات والأبحاث وحماية التراث، وتناوله في حلقة خاصة على امواج اذاعة مكناس على امتداد ساعة من الزمن مساء الاربعاء 6 نونبر 2024، ضمن سلسلة حلقات حول تازة، تنويرا للمستمعين وابرازا وتعريفا بما تزخر به تازة ومن خلالها جهة فاس مكناس، من تراث مادي تاريخي شامخ شاهد على عظمة زمن تازة ومجالها ومجتمعتها.