تازة بريس

تازة : بنية طرقية مهترئة تضاعف من معاناة السكان بشمال وجنوب الاقليم

-

تازة بريس

عبد الإله بسكًمار

يبلغ طول الشبكة الطرقية بإقليم تازة من وطنية وجهوية وإقليمية 331, 1110 كلم حسب إحصائيات 2015 منها 631 ،1011 كلم معبدة أي أزيد من 91 في المائة، ولكن نفس الإحصاء لا يفيد بوضعية تلك الطرق المتردية رغم تعبيدها (…) وتستأثر الطرق الإقليمية بحصة الأسد إذ تبلغ 5،590 كلم، تليها الطرق الوطنية 831, 286 كلم وأخيرا الطرق الجهوية بطول يبلغ 3،134 كلم . هذه إحصائيات مجردة، قد لا تقول الشيء الكثير، لكن المواطنين الذين يقطعون عددا من هذه الطرق، هم من يعرف حقيقتها وحجم المعاناة اليومية الناجمة عن أحوالها المتردية، سواء من حيث الحفرأو الانجرافات أو وعورة المسالك، أو تقادمها بشكل عام (انتهت صلاحيتها بوضوح وتحتاج إعادة الهيكة الشاملة)  وهي التبريرات التي تطلقها عادة المصالح المعنية لتفسير بعض من تلك المعاناة .

نعم لقد جرت تثنية الطريق الجهوية رقم 505 الرابطة بين تازة والحسيمة، ما أنعش الحركية الاقتصادية والاجتماعية بين الإقليمين، وهي التثنية التي تجاوزت مدتها القانونية أي سنة 2017 وامتد العمل بنفس الطريق حتى 2020 على طول 5،148 كلم يستأثر منها إقليم تازة ب 98 كلم بحث أصبح طريقا سريعا في الاتجاهين بتكلفة مالية تقدر ب 5،2 مليار درهم . في هذا الإطار أيضا، أصبحت تازة مرتبطة بمسار الطريق السيار الرابط بين وجدة وفاس عبر تازة والذي يرمز له ب A2. كما تمت توسعة طريق تازة – بابو دير، فوقع التخفيف من الحوادث القاتلة، كما تيسرت السبل أمام السياحة الجبلية والاستغوارية والثقافية بالمنطقة، فضلا عن تسهيل التواصل بين المناطق والجماعات المعنية بالنسبة للساكنة .

جميل، لكن ماذا عن حالة الطرق الإقليمية التي تقادمت ويعود بعضها إلى عهد الاستعمار؟، وتعد بمثابة صلة الوصل الوحيدة بين عدد من جماعات الإقليم،ومحيطها الخارجي، ونعطي نماذج فقط لتلك الطرق التي يعتبر من العار على مغرب 2022 أن تستمرفي وضعها الحالي الذي يؤدي إلى معاناة لا مزيد عليها بالنسبة لساكنة عدد من الجماعات القروية شمال الإقليم وجنوبه على حد سواء، نعطي بعض النماذج فقط مسجلين أن قسما كبيرا من إقليم تازة ما زال يعيش في العصور الوسطى دون مبالغة، الشيء الذي يفسر النزيف المستمر للساكنة وهجراتها المتوالية سواء تجاه المراكز الحضرية للإقليم وعلى رأسها تازة، أو نحو المدن المغربية الأخرى أو التفكير في”الحريك”ببساطة، لأن الأوضاع المعيشية بتلك المناطق أصبت لا تطاق، وقد ضعفت تماما آفاق العيش الكريم إن لم نقل أصبحت منعدمة، كما أضيف إلى تلك السمات القاتمة، عامل الجفاف المخرب الذي أتى على الأخضر واليابس، وتعد العزلة وصعوبة وامتداد وطول وتعرج الطرق البئيسة من العوامل الأساس في هذا الوضع.

من نماذج تلك الطرق الأقرب إلى المسالك الجبلية، الطريق الإقليمية رقم 5404 الرابطة بين جماعات الكوزات وكهف الغار وبرارحة بدائرة تايناست، صحيح هناك محاولة حاليا لتوسيع الطريق بين احد مسيلة وتيناست لكنها تتم ببطء شديد وبآليات قليلة تعسة (…..) وربما تدخلت حسابات سياسوية وانتخابوية في هذا البطء غير المبرر، لكن جزءا كبيرا من ساكنة  المنطقة يعاني الأمرين بسبب العزلة ووعورة التضاريس، ولعلم الجميع، فهذا في الأخير ليس مبررا معقولا وواقعيا، بدليل أن هناك مناطق مغربية وعبر كل العالم أكثر وعورة وانجرافا وصعوبة ومع ذلك شق البشرالطرق الحديثة المعبدة والمُشَوَّرة مثلها في ذلك مثل طرق السهول والهضاب والمناطق المنبسطة عموما (طنجة – الحسيمة – مناطق من الريف – كثير من مناطق سوس والأطلس المتوسط) .

نموذج آخر، نسوقه للعصور الوسطى يتمثل في الطريق الإقليمي رقم 507 المخترق للأطلس المتوسط والرابط بين مركزي بابودير وبويبلان عبرجماعة مغراوة، نفس المعاناة المريرة بالنسبة للساكنة وأيضا للموظفين ورجال ونساء التعليم المزاولين بالمنطقة، تقادم الطريق ووعورتها يطرح أكثر من سؤال ولعل الأهم أن نستفهم المسؤولين:هل يوجد بالمغرب مواطنو الدرجة والدرجة الثانية ثم الدرجة الاقتصادية ؟ . إنها صورة قاتمة للتنمية غير المتكافئة بين مناطق وجهات البلاد، فمتى يلتفت القائمون على الشأن العام بمختلف مستوياتهم لهذا المغرب العميق ؟.  

إلغاء الاشتراك من التحديثات