من الصعب على الحكومة تحقيق معدل النمو الذي أعلنت عنه خاصة مع الظروف المناخية التي يمر منها المغرب إلى جانب السياق الدولي المضطرب، هذا ما قاله الخبير الاقتصادي نجيب أقصبي في ندوة نظمتها الجمعية المغربية لحقوق الإنسان حول مشروع قانون مالية 2023، مشيرا الى أن هناك مفارقات كبيرة بين الوعود والخطاب الذي تروج له الحكومة وبين مشروع قانون المالية الذي تمت المصادقة عليه يوم أمس، مؤكدا أن من بين المشاكل الكبيرة للاقتصاد المغربي غياب أي ربط بين المجهود المبذول في الاستثمار ومعدل النمو، علما أنه من الناحية العلمية الاقتصادية هناك علاقة وثيقة بين الجانبين، موضحا أن 300 مليار درهم من الاستثمارات العمومية التي التزمت بها الحكومة تتوزع على 96 مليار درهم كميزانية للدولة، و 140 مليار درهم كاستثمارات للمؤسسات العمومية، و45 مليار درهم حصة صندوق محمد السادس للاستثمار، واستثمارات الجماعات المحلية ب 19 مليار درهم.
إن الديون الجديدة لسنة 2023 سترتفع وتبلغ 129 مليار درهم – يقول أقصبي- مبرزا أن النظام الجبائي المغربي غير عادل وغير ناجع لأنه لا يعبئ الموارد الضريبية الضرورية لتغطية نفقات الدولة بدون السقوط في فخ المديونية. وهو ما يجب معه إصلاحات ضريبية وخاصة توحيد الضريبة على الدخل وتجميعها وجعلها تصاعدية حتى يتحقق التضامن عبر المساهمة الضريبية. مضيفا بالنسبة للضريبة على الشركات وبغض النظر عما قيل فإنه لا ترتبط بالأسعار بقدر ما هي مرتبط بالوعاء الضريبي، مؤكدا أن المشكل يكمن في أن 70 إلى 80 في المائة من الشركات تعلن كل السنة عن الخسارة، وهذا يعني أن قانون الضريبة على الشركات يحتوي على ثغرات كثيرة تسمح بالغش والتملص الضريبي، مشيرا الى أن الشركات الكبرى تؤدي الضرائب التي تريد لذلك فإن الإصلاح الأول الذي يجب تنفيذه في هذا الباب هو ضرورة ضبط وعاء الضريبة على الشركات لمحاربة الغش والتملص الضريبي. وشدد أقصبي على ضرورة سن إصلاحات جديدة في النظام الضريبي من قبيل الضريبة على الإرث والثروة، لأنه تاريخيا لم تنجح أي بلاد في تحقيق مشاريع اجتماعية دون إصلاحات ضريبية جوهرية.
واعتبر أقصبي أن الحكومة تمارس الخداع لأنها تكتفي بترديد تعميم التغطية الصحية، مع العلم أن المنظومة الصحية في المغرب جد متدهورة. مشيرا على أن أول مشكل ستواجه الحكومة لتنفيذ هذا المشروع سيكون مرتبطا بالتمويل، لأن في الأصل الحكومة تعول على 28 مليار درهم من مساهمة المشتركين، وهذا غير قابل للتحقيق لأن الغالبية العظمى منهم لا تستطيع الأداء، مؤكدا أن الحكومة تلعب بالنار لأن نجاح أي نظام للتغطية الصحية له العديد من المتطلبات وأن الشروط لا تتوفر والحالة المغربية.