تازة بريس

المروني: بذلة الدفاع عصية عن التطويع وأبية عن الإخضاع وشامخة بتاريخها ومبادئها

-

تازة بريس

بحضور غير مسبوق للمحاميات والمحامين من كل هيئات المغرب، كانت مدينة الرباط يوم الجمعة الأخير 21 اكتوبر الجاري، على موعد مع وقفة احتجاجية أمام وزارة العدل أعدتها لجنة تنسيقية عن الاطارات المهنية الوطنية للمحامين ضمت فدرالية جمعيات المحامين الشباب بالمغرب ونقابة المحامين بالمغرب والجمعية الوطنية للمحامين بالمغرب. وقفة  جاءت بحسب بلاغات عدة سابقة احتجاجا على مسودة مشروع قانون مهنة المحاماة، والمعدة بشكل انفرادي من طرف وزارة العدل دون اعتماد المقاربة التشاركية القائمة على التشاور مع المؤسسات والاطارات المهنية للمحامين، ودون اعتبار للمطالب المشروعة المجمع عليها من قبل المحامين في هذا الشأن، وكذا احتجاجا على الاعلان عن تنظيم الامتحان الخاص بمنح شهادة الأهلية لممارسة مهنة المحاماة برسم سنة 2022، دون توفر الشروط الموضوعية والقانونية التي تضمن للملتحقين الجدد ظروف تكوين ملائم وممارسة مهنية في المستوى اللائق برسالة الدفاع.

وقفة الرباط التي جسدت اجماع كل الاطارات المهنية على عدالة مطالب المحامين واستشعارها لخطورة ما يحاك ضد رسالة الدفاع، من طرف وزارة العدل ومراكز القوى الرجعية  التي تزعجها الأدوار الحقوقية الرائدة لمهنة المحاماة، وتسعى الى تقزيمها وتطويعها بما يهدد بإضعاف ضمانات الدفاع عن حقوق وحريات المواطنات والمواطنين. وقفة الرباط هذه أثثتها كلمات تأطيرية عدة، واحدة منها كانت للأستاذ خالد المروني رئيس نقابة المحامين بالمغرب وقد جاءت كما يلي: السادة النقباء، السيدات و السادة أعضاء مجالس الهيئات، السيدات و السادة ممثلي الإطارات المهنية، الزميلات و الزملاء الحاضرين لوقفة العز و الشموخ، بمداد من الفخر و الاعتزاز، تسجل نقابة المحامين بالمغرب، انخراطها إلى جانب فدرالية جمعيات المحامين الشباب بالمغرب، و الجمعية الوطنية للمحامين بالمغرب، في تسطير برنامج نضالي يتجاوب مع انتظارات كل المحاميات و المحامين بالمغرب، و يستجيب للمطالب الاستعجالية المشروعة للمحامين. فالكل قد هب بنفس وحدوي ليصد الهجمة الشرسة والرعناء لوزير العدل و من يقف وراءه، والكل يأبى إلا أن يسجل التاريخ اليوم أن بذلة الدفاع عصية على التطويع، وأبية على الإخضاع، وشامخة بتاريخها النضالي، و مبادئها الكونية.

الزميلات و الزملاء، لقد نام وزير العدل و من لف لفيفه فرأى فيما يرى النائم أن بمقدور ألاعيبه السياسوية الصغيرة أن تتطاول على رسالة الدفاع و تعبث بمبادئها الراسخة، لكن هيهات هيهات إن هي إلا أضغاث أحلام وتخاريف الأوهام. اليوم يقف كل المحامين و المحاميات و كل الإطارات المهنية صفا واحدا في خندق واحد ليصدحوا بصوت واحد: إن نساء و رجال الدفاع سيقفون دوما بالمرصاد لأية محاولة للنيل من مكانة المحاماة أو تقليص أدوارها القانونية و الحقوقية و المجتمعية. إن أي قانون منظم للمهنة لا يمكن أن يرى النور إذا لم يكن موضوع تشاور و توافق مع الإطارات المهنية الممثلة للمحامين اعتبارا لخصوصية الاستقلالية التي تتمتع بها مهنة المحاماة وفق المبادئ الأساسية للأمم المتحدة بشأن دور المحامين و المبادئ الدولية المتعلقة باستقلالية و مسؤولية المحامين. إن المحاماة ليست مجرد مهنة يمكن أن يخضع الولوج لها للحسابات السياسوية و الانتخابوية الضيقة، أو للرهانات الشعبوية الطارئة ، بل هي رسالة كونية و مؤسسة جوهرية من مرتكزات الدولة الديمقراطية ،و آلية أساسية من آليات حماية الحقوق و الحريات يجب أن يرتبط الولوج لها بمدى التزام الحكومات بواجباتها المتمثلة في توفير الضمانات و الشروط الكفيلة بأداء المحامين لمهامهم و أدوارهم على الوجه الأمثل.

إن المحاميات و المحامين لا ينتفضون انتصارا لمطالب فئوية ضيقة، و لا يساومون على مبادئ رسالتهم من أجل امتيازات خاصة، و لكنهم بالمقابل لن يقبلوا بأي مساس باستقلالية المحاماة و حصانة الدفاع ، و لن يسكتوا على أي استهداف للشروط الاقتصادية و الاجتماعية و القانونية الضامنة لقيامهم بالدفاع عن حريات و حقوق المواطنات و المواطنين، و تحقيق شروط الولوج المستنير للعدالة ، وضمانات المحاكمة العادلة. نقول لوزير العدل و لمن يشرعن له أفعاله الرعناء: المحاماة أكبر من أوهامكم السلطوية الصغيرة، و لو كان بإمكان النجاح في تطويع المحاماة لكان الأولى بالنجاح في ذلك نابليون بونابرت ، حينما اعتد بسيفه ، و وعد باستعماله لقطع لسان كل محام يستخدمه ضد الحكومة، لكن التاريخ سجل أن لسان المحامي لا يقطعه سيف، و ذهب صاحب السيف و بقيت المحاماة أبية و شامخة ، و سجل التاريخ للمحامين قيامهم بأدوارهم الطلائعية في كل معارك الشعوب من أجل العدالة و الحرية و حقوق الإنسان. الزميلات و الزملاء، و نحن نشارك في هذه الوقفة الاحتجاجية نقول لكل من يهمه الأمر: لا تحسبن أن هذه الوقفة مجرد هبة عابرة بل هي احتجاج أولي ، و مستمر في الزمن، و لن يتوقف  قبل إسقاط مسودة العار المتخلفة، من أجل  إقرار قانون حداثي و تقدمي يليق بمحاماة القرن 21 ، وسن قوانين إجرائية و موضوعية تضمن الحقوق و الحريات و شروط المحاكمة العادلة كما هي متعارف عليها عالميا و وفاء الحكومة بالتزاماتها في تكوين المحامين و ضمان شروط ممارسة مهنية تليق بنساء و رجال الدفاع و تضمن للملتحقين من بنات و ابناء الشعب الراغبين في خدمة العدالة أداءهم لمهام الدفاع و تحملهم لأعبائها بكرامة و أمن قانوني و اقتصادي و اجتماعي يحصنهم ضد منظومات الفساد و النفوذ و يجعلهم فرسان الدفاع عن الحقوق و الحريات. فموعدنا ساحة النضال .. ولا عزاء لمن يراهن على انطفاء جذوة النضال ..فبإمكانكم قطف الزهور لكن لا يمكنكم إيقاف زحف الربيع. وعاشت مهنة المحاماة حرة مستقلة و أبية.

 

إلغاء الاشتراك من التحديثات