تازة بريس

البوادي بالمغرب نص تاريخي حول قبيلة البرانس بتازة..

-

تازة بريس

البوادي بالمغرب” قبائل في مواجهة الاستعمار الفرنسي من خلال الرواية الشفوية”، كتاب صدر عن دار أبي رقراق للطباعة والنشر بالرباط لمؤلفه عبد السلام انويكًة الباحث بالمركز الجهوي لمهن التربية والتكوين فاس، ضمن منشورات المندوبية السامية لقدماء المقاومين وأعضاء جيش التحرير بعد إجازته من قِبل لجنة استشارية علمية متخصصة. والكتاب من القطع المتوسط بصورة في واجهته عن أرشيف فرنسا العسكري تخص ما اعتمدته القوات الفرنسية من آليات حديثة في توغلها بالمناطق الجبلية كما بالنسبة للمناطيد.

في تقديمه لهذا الكتاب أورد الدكتور مصطفى الكثيري المندوب السامي لقدماء المقاومين واعضاء جيش التحرير، أن المندوبية السامية في سعيها للإحاطة بالوقائع والأحداث التاريخية التي شهدتها أحواز مدينة تازة، البوابة الشرقية التي طرقتها القوات الفرنسية الغازية في طريقها نحو فاس عاصمة المغرب. واستكمالا لحلقات طوق معرفي يوثق لدخول المستعمر للمنطقة ولما واجهته، تحرص المندوبية السامية لقدماء المقاومين وأعضاء جيش التحرير على نشر أعمال وملاحم المقاومة، التي كانت المنطقة مسرحاً وميداناً لها على امتداد فترة الحماية. وما ترتب عنها من تداعيات وإفرازات وما أحدثته من تحولات على بنيات المنطقة وتركيبتها البشرية والاقتصادية والسياسية. مشيراً الى أن احتضان ونشر هذا المؤلف الذي أعده الباحث عبد السلام انويكًة يندرج في هذا الاطار، وأن موضوعه يرتبط بسياق تاريخ فترة الحماية الفرنسية على البلاد. بل يصنف ضمن مجال البحث التاريخي الذي توجه بعنايته لابراز مساهمة البادية المغربية عموماً والمناطق النائية الشبه منعزلة على وجه الخصوص، في مقاومة التدخل الأجنبي من خلال الرواية الشفهية وهو وجه التميز.

ولعل الباحث- يضيف- تجشم صعاباً وهو يجول في جغرافية قبيلة البرانس بشمال تازة على مستوى تلال مقدمة الريف. والتي تتميز بمجالها المعقد والمتنوع الذي فرضته وعورة تضاريسها الجبلية وقساوة مناخها واتساع رقعتها وصعوبة التنقل فيها، فضلا عن واقع العزلة النسبية عن المراكز الاقتصادية والثقافية الكبرى، كل ذلك من أجل التقاط كلمات أو جمل أو شظايا رواية من هذا المقاوم أو ذاك. مؤكداً أن الباحث اجتهد كثيراً وهو يخوض لجة البحث في تلك الفترة التاريخية بهذه الرقعة من الوطن، نظراً لضعف المادة المصدرية التي لا تتجاوز في الغالب الأعم ما خلفته الادارة الاستعمارية من وثائق ومستندات وبعض ما ورد في حواشي الدراسات الأكاديمية. وما اعتماد المؤلف على الرواية الشفهية في توثيقه لتاريخ مقاومة هذه القبيلة لسد فراغات تقفز عليها المصادر والمراجع المتوفرة. إلا دليل مادي ملموس على طرحه السؤال حول مدى صدقية ومصداقية الخلاصات والاستنتاجات التي يتم الاهتداء إليها بالاعتماد على المادة المصدرية الأجنبية.

مشيراً الى أن الاطلاع على هذا البحث الغني بمادته التوثيقية المستقاة من رواة عايشوا الأحداث التي يتناولها موضوعه، يدعو  لتقدير المجهود المبذول من الباحث قصد انتقاء الأهم وفرز الغث من السمين وغربلة المنحاز من المعلومات عن الموضوعي، لانتقاء وحصر الروايات التي يمكن أن تقدم رؤية متوازنة لما جرى من وقائع وأحداث الفترة الزمنية المؤطرة للبحث.

ومن الانصاف القول- يقول المندوب السامي- أن الباحث توفق من خلال بحثه التاريخي في تقديم عمل متميز في مجال الكتابة التاريخية،  مما يجعله بحق مساهمة علمية رفيعة تعكس قدرة الباحث على التنقيب الجاد، والبحث الرصين والسعي الحثيث لخوض غمار التأريخ، لحقبة هامة من تاريخ قبيلة البرانس وتدوين وتوثيق مساهمتها في الكفاح الوطني من أجل الحرية والاستقلال.

وللاشارة فإن الاصدار الذي هو بحوالي مائتي صفحة من القطع المتوسط، يبسط مختصراً لتاريخ قبيلة البرانس بمقدمة الريف من خلال فصول ثلاثة. استهلها بالحديث عن القبيلة في امتداداتها الجغرافية والمجالية وأصول تسميتها وتركيبتها البشرية ونمط عيشها وتاريخها السياسي/ المخزني، منذ العهد الادريسي الى حين ظهور الطلائع الأولى للقوات الاستعمارية الفرنسية الغازية على مشارف حدود القبيلة. وفي فصل ثان تناول الباحث بالتدرج وقائع مقاومة قبيلة البرانس للاحتلال الأجنبي مُعرفاً برموزها الذين حملوا مشعل النضال والمقاومة ما بين 1914– 1956.ليخصص الفصل الثالث والأخير  لابراز مواقف ورد قبيلة البرانس على ما أقدمت عليه سلطات الحماية، بنفيها للسلطان محمد بن يوسف، ما أعلن النفير في صفوف أبنائها لاستنفارهم وتعبئتهم في معترك المقاومة المسلحة التي لم تضع أوزارها إلا بإعلان الاستقلال.

ولعل برعاية المندوبية السامية لقدماء المقاومين وأعضاء جيش التحرير لهذا الكتاب يضيف المندوب السامي في تقديمه، ينضاف هذا العمل لسلسلة إصداراتها المتواثرة في تراكماتها الكمية والنوعية. مؤكدة احتضانها للأعمال الموثقة للذاكرة التاريخية الوطنية تحفيزاً للباحثين والمناضلين على المزيد من البذل والعطاء، من أجل رصد الثقافة التاريخية وإثرائها باعتبارها مكونا أساسيا لرأسمال البلاد اللامادي، الذي يجسد غنى الثروة الوطنية وتنوعها وعمقها وأبعادها الشاملة والمتكاملة. مؤكداً أن المندوبية السامية لقدماء المقاومين وأعضاء جيش التحرير، ستواصل دعمها لمجهود التدوين والتوثيق للتاريخ الوطني في بعديه الجهوي والمحلي. وتعزيزها لمبادرات وعطاءات المهتمين بمجال البحث العلمي والكتابة التاريخية. لإبراز الجوانب المبطنة والزوايا الخفية، لمسيرة الكفاح الوطني للمناطق والأطراف القصية من البلاد في سبيل تحقيق الحرية والاستقلال. والكشف عن الذخائر الانسانية والتراثية والنضالية التي تزخر بها بلادنا، لوضعها بين أيدي القراء والباحثين بما يجب من الاحتياط العلمي الشديد والتحقق التاريخي الرصين.

    يُذكر أن هذا العمل العلمي التاريخي“البوادي بالمغرب” يعد أو انفتاح للبحث الأكاديمي على هذا المجال من البادية المغربية حيث شمال تازة وتلال مقدمة الريف من جهة الشمال، ومن هنا فهو يعد أول وثيقة توثيقية تناولت موضوع مقاومة قبيلة البرانس للاستعمار الفرنسي بالمغرب على عهد الحماية، ما تم الاشراف عليه وتأطيره ومناقشته بكلية الآداب والعلوم الانسانية سايس فاس.

إلغاء الاشتراك من التحديثات