تازة بريس
سجل المكتب المحلي للنقابة الوطنية للتعليم العالي بالمركز الجهوي لمهن التربية والتكوين بالقنيطرة، جملة ملاحظات حول ما تم تداوله من اقتراحات لمصالح وزارة التربية الوطنية في شأن تغيير مقتضيات المرسوم 2.11.672 في شأن إحداث المراكز الجهوية لمهن التربية والتكوين. حيث أشارت النقابة في بيان لها إلى “شرود” المقتضيات المقترحة عن رهان إصلاح منظومة التربية والتكوين الذي يتطلع إليه المجتمع، وتصبو إليه الحكومة في برنامجها والوزارة الوصية في شعاراتها. بدليل ارتفاع عدد أسلاك التكوين بالمراكز، تفعيلا لما جاء به مرسوم النظام الأساسي لموظفي وزارة التربية الوطنية الصادر في 23 فبراير 2024، يقضي بالعقل السليم والمنطق القويم الرقي بالوضعية المؤسساتية للمراكز على غرار ما هو معمول به في جل مؤسسات التكوين والبحث التابعة لأغلب القطاعات الحكومية وطنيا، لا أن يتم إضعاف مكانتها مؤسساتيا كما جاء في مواد التغيير.
وقال البيان أن النصوص المعممة تفيد باستمرار القصور والتقصير في إدراك واستيعاب مكانة مؤسسات التكوين، من موقع اختصاصها، في الارتقاء بمنظومة التربية والتكوين. واستغربت النقابة ذاتها اللغة التي استعملت في صياغة مرسوم تغيير المواد الأصلية، حيث يطغى لفظ “تساهم المراكز ” وهو ما يعني سلب هذه المؤسسات اختصاصاتها ووجود نية مبيتة لترسيمها كوحدات تعنى بالمناولة، موضوعة رهن إشارة المصالح الخارجية للوزارة يتم تسييرها بالعقلية البيروقراطية المعهودة. وأشار المصدر ذاته إلى أن هذا الطرح يتعزز من خلال ربط ممارسة المركز لمهامه بأطراف خارجه بشكل مبالغ فيه، كما تشير إلى ذلك في كل مرة بعض مواد المرسوم. وتساءل المصدر ذاته عن الدوافع الحقيقية التي أملت ا سماها بـ”محاولة الانقلاب” على اختصاصات المراكز المنصوص عليها في المادتين 3 و33 من المرسوم 2.11.672 في شأن إحداث المراكز الجهوية لمهن التربية والتكوين. مؤكدا أن المنطق المؤطر لصياغة فقرات التغيير، القائم على جعل المراكز بنية إدارية موضوعة رهن إشارة المديريات والأكاديميات لتصريف برامج فاقدة لكل معنى خاصة ما يتعلق بإعادة إنتاج البرامج الفاشلة للتكوين المستمر، منطق مهزوز يرتكز على دوافع بيروقراطية محضة لا علاقة لها بما يتطلبه الإصلاح الحقيقي للتعليم ببلادنا، الذي يقوم أولا على مبدأ الاستقلالية الوظيفية للمؤسسات كما جاء في الرؤية الاستراتيجية للإصلاح، وفق تعبير البيان. واستنكرت النقابة عدم استشارة مجالس المراكز حول المواصفات اللازمة للتكوين في بعض المسالك المحدثة بناء على المرسوم رقم 24.140، وهو ما يعني تغييب البعد البيداغوجي تماما في صياغة مشاريع تغيير مواد مرسوم إحداث المراكز الجهوية. وسجل المكتب المحلي منطق الكيل بمكيالين، ففي الوقت الذي كانت الوزارة تتشبت في حواراتها باختصاص اللجنة الدائمة للمناهج في إبداء الرأي حول بعض القضايا التي تخص بعض الفئات التعليمية، لا تجد الوزارة نفسها حرجا، في الانفراد بإقرار مقتضيات تتعلق بمدة التكوين ببعض المسالك دون الرجوع إلى الهيئات القانونية المختصة بذلك، على حد ما جاء في البيان.
وقالت النقابة إن المرسوم المقترح سيعيد إنتاج نفس الأخطاء التي رافقت صدور مرسوم إحداث المراكز سنة 2011 فيما يتعلق بالتأخر المفرط في إصدار قرارات الدراسة والتقويم بمختلف الأسلاك، انطلاقا من عدم تقديم المشروع لأية مقترحات لتجاوز سلبيات الماضي. واستهجن البيان ما جاء في الفقرة ما قبل الأخيرة من المادة 14، الذي يقحم فئات بدون صفة في مهام التكوين بشكل غير مفهوم وغير مبرر إلا ما كان من التعيينات الريعية التي عرفتها المراكز بشكل مستمر. واستغربت النقابة من “السكوت المطبق” لمرسوم التغيير عن الهيكلة الإدارية للمراكز رغم مرور ما يزيد عن 12 سنة عن إحداث هذه المؤسسات. وفي هذا الإطار، يضيف البيان، يزداد استغراب المكتب المحلي من الخلفية الحقيقة التي أملت تغيير المادتين 7 و 9، كما يعتبر أن فقرات من مواد أخرى لن تخدم إلا إشاعة التداخل والتعارض في المهام داخل المراكز كما جاء مثلا في الفقرة ما قبل الأخيرة من المادة 13 حول ما سمي بموظفين يعهد إليهم بالتدبير التربوي. وأشار البيان إلى إصرار بعض مسؤولي وزارة التربية الوطنية مركزيا بتقييد الإبداع والبحث العلمي بعبارات غريبة تتضمنها بعض مواد المرسوم، ضدا على ما هو متعارف عليه دوليا، وعلى إسهامات الأساتذة عموما بالمراكز وخاصة الباحثين منهم في المجهود الوطني للرقي بالإنتاج العلمي كما يشهد بذلك عدد رسائل الدكتوراة المؤطرة بالمؤسسات الجامعية من طرف أساتذة المراكز والمنشورات العلمية الصادرة في مجلات دولية ذات تصنيفات عالية الجودة والتأثير في كل الحقول المعرفية وخاصة في المجالين البيداغوجي والديداكتيكي. وأضاف المصدر أن ما تسير إليه بعض المواد يناقض تماما روح اتفاق النقابة الوطنية للتعليم العالي مع السيد رئيس الحكومة الموقع في 20 أكتوبر 2022 بخصوص ربط مختلف بنيات البحث بمختلف المؤسسات بمراكز دراسات الدكتوراه بالجامعات. وخلص بيان النقابة إلى أن كل توجه لإضعاف المراكز، ومنها تحريف هويتها من مؤسسات للتكوين والبحث إلى ملحقات للمصالح الخارجية للوزارة، هو تكريس لعرقلة إصلاح منظومة التربية والتكوين لما في ذلك من تعطيل للخبرة العالية التي تراكمت داخل المراكز الجهوية في شتى المجالات وتهميش مقصود للكفاءات التي تزخر بها هذه المؤسسات وطمس متعمد لتاريخها الطويل في قيادة إصلاح التعليم ببلادنا.