تازة بريس

من أعلام تازة وزخمها الرمزي..الاعلامي الاذاعي التلفزي عزيز ريباكً التازي

-

تازة بريس

عبد السلام انويكًة

توجه في بداية أمره ومشواره الدراسي العالي، بعنايته لدراسة العلوم السياسية باللغة الفرنسية بجامعة سيدي محمد بن عبد الله بفاس أواسط سبعينات القرن الماضي، قبل أن يغير بوصلته كلية ويشد رحاله للمعهد العالي للصحافة ضمن الفوج الفرنسي تخصص سمعي بصري بالرباط، وما أدراك ما المعهد العالي للصحافة خلال هذه الفترة من مغرب زمن جميل وتطلع. وبما أنه كان من ثلة المتفوقين المتميزين في تدرجه الدراسي، تم انتقاءه للاستفادة من فترة تكوينية تدريبية اضافية بالديار الفرنسية. وبعد كل هذا وذاك من مسار تكوين وتأهيل ومن ثمة تخرج فيما بعد، كانت دار الاذاعة الوطنية وجهته الأولى مطلع ثمانينات القرن الماضي. ورغم تكوينه الاعلامي الصحافي المفرنس، ألح وارتأى مدير الاذاعة آنذاك محمد بنددوش، على الحاقه بقسم التحرير العربي إيمانا منه بما يملكه صاحبنا حفظه الله من قدرات عالية في هذا الاتجاه. وهكذا انضم للفريق الاذاعي بالرباط لينفتح على جملة تغطيات إعلامية وطنية هنا وهناك، لعل أهمها تغطية الزيارة الملكية للأقاليم الصحراوية سنة 1985، لتبدأ رحلته الاعلامية الاذاعية مع التغطية والوصف المباشر لأنشطة ونقاط جولة الملك هذه.

ذلك هو ابن تازة البار تحديدا ابن المدينة القديمة (تازة العليا)، الاعلامي الاذاعي والتلفزي الشامخ الأستاذ عزيز ريباكً، اسم وتجربة ومسار وبصمة وتميز، يحيلنا على مجد وهيبة دار الاذاعة والتلفزة المغربية في زمنها الذهبي بتقدير مساحة واسعة من اعلاميين ومستمعين ومشاهدين وذاكرة وطنية. ولعل ابن تازة هذا ممن كان ببصمة خاصة في مجال السمعي البصري المغربي، لِما طبع مساره المهني من تألق على امتداد عقود من الزمن، بحيث لا تزال صورة منارة تازة والمغرب ولا يزال رنين تعبيرها وصدقها المهني وأدائها الرفيع بالقسم الرياضي فضلا عن حسها الاعلامي وتفاعلها الرصين، حاضرا في ذاكرة المغرب والمغاربة. ولعل صديقنا العزيز ابن تازة الشامخة بأعلامها من مثقفين وفنانين مبدعين واعلاميين وغيرهم، كان بحدس مبكر بمستقبله الاعلامي لِما كان عليه من ميول وعشق مبكر للمجال منذ طفولته بتازة. ما يتبين من تصريح له ذات يوم قائلا: ” قد لا أكون مغاليا أو مخطئا اذا قلت أن بوادر الارتماء بين أحضان الصحافة لاحت بصورة مبكرة في دروب حياتي، تجسد ذلك في سلوكات أعتبرها بداية نزوع نحو عالم استهواني منذ نعومة أظافري وصعب علي مقاومة اغراءاته الجميلة”. مضيفا: “دفع بي الانبهار وأنا في سن الثالثة عشرة الى الادمان على اختلاس قطع نقدية وبشكل شبه يومي من درج دكان والدي رحمه الله لإقتناء الجرائد. كنت أقطع من أجل ذلك .. كيلومترات مشيا على الأقدام من تازة العليا الى تازة السفلى، لكون الجرائد لم تكن متوفرة في تلك الحقبة (مطلع السبعينات) في المدينة العتيقة. كانت نقطة البيع الوحيدة بالمدينة هي وراقة – مبارك – بتازة السفلى، وكنت ميالا للجرائد باللغة الفرنسية ك”ماروك سوار” و”لوبوتي ماروكان” و”لوبينيون”، رغم كون فرنسيتي كانت في بداياتها. واكتشاف عالم الجرائد كرسه أيضا فضولي الكبير بتقليب كل صفحات الجرائد القديمة التي كان يقتنيها والدي ليلف فيها قطع الثوب”. مضيفا أيضا:” لربما كان اهتمامي المبكر بعالم الصحافة المكتوبة مدخلا للانفتاح على وسائل الاعلام الأخرى كالتلفزيون، حيث غالبا ما كنت أقف مشدوها امام نشرات الأخبار باللغة الفرنسية خاصة، معجبا أيما إعجاب بمقدميها في حقبة السبعينات ك “علي حسن” و”المكي بريطل” و”أحمد المالكي” و”عبد السلام الصفريوي”. وكنت غالبا ما أردد عبارات هؤلاء وأنا ألهو بين أزقة المدينة العتيقة (قبة السوق).

ويسجل أن من مَهَمات ابن تازة الاعلامي عزيز ريباك الأولى خارج أرض الوطن، تلك التي تم فيها تكليفه بتغطية زيارة الوزير الأول آنذاك عز الدين العراقي للبرتغال خلال فترة الثمانينات. وأنه فضلا عن اشتغاله بقسم التحرير العربي محررا ومذيعا، كان بتعاون مع قسم الانتاج وبخاصة في البرامج الصباحية رفقة اعلاميين كبار من قبيل رشيد الصباحي وفاطمة التواتي وغيرهم، فضلا عما كان أيضا من تعاون له مع مصلحة الرياضة تحت رئاسة الراحل نور الدين اكديرة. وهو ما جعله يزاوج في نهاية الأسبوع بين العمل محررا إخباريا ثم واصفا رياضيا في ملاعب كرة القدم. وهكذا انفتح له المجال بشكل ارحب وأوسع لتغطية عدة تظاهرات وطنية ودولية كبرى، منها القمة الفرنسية الافريقية التي عقدت بالدار البيضاء. علما أنه كان مكلفا ولمدة ناهزت الأربع سنوات بتغطية الأنشطة الملكية، قبل أن يلتحق نهاية الثمانينات بإذاعة صوت ألمانيا بكولونيا، كمحرر ومذيع بها ومراسل للإذاعة المغربية في إطار اتفاق بين الهيئتين، بحيث الى جانب عمل التحرير والتذييع كان يتولى مسؤولية البرامج الرياضية بالقسم العربي بإذاعة صوت ألمانيا التي قضى بها ست سنوات، وهي الفترة التي يعترها فارقة في حياته المهنية. وبمجرد عودته الى ارض الوطن من المانيا التحق بإذاعة وجدة كمدير لمحطتها، وهي التجربة التي انفتح بها على الاعلام الجهوي وايقاعاته وحاجياته. هذا قبل عودته لدار الإذاعة والتلفزة المغربية بالرباط في غشت 1999، وقبل أي يفضل الاستقرار بمصلحة الرياضة بدلا من قسم الأخبار، لما كانت له من علاقات طيبة وعميقة مهنية مع عدد من الإعلاميين الرياضيين من قبيل “امحمد العزاوي” “محمد الأيوبي” “المهدي إبراهيم” “عبد الفتاح الحراق”.

ذلك هو الإعلامي الإذاعي والتلفزي ابن تازة البار المتميز عزيز ريباك، أحد الوجوه المشرقة في سماء دار الإذاعة والتلفزة المغربية بالرباط وواحد من ارشيفها ومضخاتها التي أعطت الكثير والكثير على هذا المستوى وذاك ذاخل الوطن وخارجه خدمة للمستمع وللمشاهد ومن خلالهما للاعلام الوطني على امتداد عقود من الزمن. بحيث بقدر ما طبعه من مكانة ومَهمَّة ومهنية وجدية وفعل اعلامي رصين، بقدر ما هو عليه من كفاءة وبصمة غير خافية عن الجميع اعلاميين وغير اعلاميين. عزيز ريباك التازي إسم إعلامي اذاعي ثم تلفزي رياضي عظيم، بقدر عظمة تاريخ تازة وجمال شرفتها ونخوة وسمو موقعها واطلالتها البهية وجبلها. اسم وصوت وكفاءة اعلامية طبعت فترة ذهبية من زمن السمعي البصري الوطني، حيث ثمانينات وتسعينات القرن الماضي، اسم أيضا لا شك أنه لا يزال بمكانة خاصة محفوظة في سمع وذاكرة الكثير من المستمعين والمشاهدين، وخاصة منهم متتبعي ومشاهدي برامج القسم الرياضي وما أدراك ما القسم الرياضي ويوم الأحد الرياضي وتغطياته الأسبوعية بين هذا الملعب وذاك وهذه المقابلة وتلك على امتداد ربوع الوطن.

عزيز ريباك التازي، أحد أعلام دار الاذاعة والتلفزة المغربية لحوالي ثلاثة عقود، ايقونة اعلامية اذاعية وتلفزية وطنية ودولية رفيعة المستوى، يحق لتازة الفخر بها لِما كان لها من صدى عمل ومساهمة وسلوك وضمير مهني وغيرة ومستوى أداء، مكنها من تأثيث مواعيد ولحظات ومشاهد وحضور وتألق واشعاع لسنوات وسنوات. اسم الى جانب عدد من الأسماء التازية البهية التي تألقت في عدد من المجالات ولا تزال هنا وهناك، عبر ما ميزها ولا يزال من كفاءة ونبوغ وروح وطنية. اسم شامخ أيضا هو عزيز ريباكً وقامة اعلامية ومفرد بصيغة جمع، يستحق من كل تازة كل اجلال واكبار. عرفناه حفظه الله وعرفته كل تازة كل المغاربة عبر دار الإذاعة والتلفزة بالرباط، انسانا مثقفا واعلاميا مهنيا طبعه ما طبعه من جميل عطاء وبذل واجتهاد وتميز، وعليه ما هو عليه من شهادات وثناء وتتويجات رفيعة المستوى.

هكذا يحضر اسم عزيز ريباك، مستحقا كل عرفان وإلتفات واجلال واكبار، وكذا لكل تكريم رمزي بمدينته ضمن هذه المناسبة أو تلك من مواعيد رياضية وغير رياضية. صحيح من اجل كل احتفاء وجميل ضمن ما ينبغي من ثقافة تحفيز وفخر واعتزاز ومودة وقيم حضن، انما أيضا من اجل ما هو تلاقح بين اجيال تازة وما هو رافع بين سلف وخلف. علما أن مثل هذه الكفاءات التازية التي كانت بموقع وإسم وصدى هو هنا وهناك، هي جزء من ذاكرة مغرب ومغاربة، ومن ثمة مكامن لا مادية رافعة لتطلعات تازة عبر هذا وذاك من أفق رؤية ومقترح ومستوى. فقط ما ينبغي من سبل حسن استثمار وتثمين لزخم المدينة الرمزي ومدخراتها الفكرية والثقافية والابداعية الفنية والإعلامية والرياضية وغيرها، باعتبارها تجارب وخبرات وعناوين وطنية كبرى. فتحية تقدير واجلال واكبار من كل تازة الشامخة للأستاذ الاعلامي المقتدر عزيز ريباك، ايقونة دار الاذاعة والتلفزة المغربية لسنوات وسنوات، ومن خلاله تحية اجلال وإكبار وتقدير لكل أبناء تازة البررة المتميزين الغيورين.

إلغاء الاشتراك من التحديثات