تازة بريس
مديراً جديدا إقليميا لوزارة الثقافة بتازة”منير حجوجي”، إثر تنقيلات وتعيينات أقدمت عليها الجهات الوصية، علما أن عددا ممن تم نقلهم قضوا مدة زمنية تجاوزت الحد المنصوص عليه قانونا أي أربع سنوات، والنموذج كان في تازة بعمر تدبير للقطاع اقليميا امتد لحوالي ثمان سنوات. وتفاعلا مع ما حصل من تغيير شمل عددا من أطر وزارة الثقافة كما سبقت الاشارة لذلك اثر تعيينات وتنقيلات جديدة، بعض من المهتمين المتتبعين للشأن وربما هم مقربين من تجربة التدبير السابقة لقطاع الثقافة بتازة، تحدثوا عما سموه حركة ثقافية وانتعاشا شهده المجال، معرجين في تغريداتهم عن انجازات جمعت بين تميز وتواصل وانفتاح الخ. بالمقابل مساحة رأي عام واسع عن المدينة نفسها يقول عكس كل هذا تماما، مشيرا الى أن فترة المسؤول المنتهية ولايته كانت بيضاء الى حد كبير لدرجة وصفها بأنها لم تكن بدون لا طعم ولا لون ولا رائحة. خلافا لِما طبع تازة ثقافيا على من حيث ديناميتها وجديدها وتجديدها وفعلها الثقافي الهادف المتبصر واشعاعها الجهوي والوطني، خلال زمن تدبير الأستاذ محمد بلهيسي والأستاذ حسن هرنان المديرين الجهويين السابقين. مسجلين أن المدينة شهدت خلال الثمان سنوات الأخيرة ركودا قاتما واجترارا لأنشطة اصابها ما اصابها من وهن وبهرجة ودائرة ضيقة ومحدودية تشارك وتجديد وجاذبية.
ورأي عام متتبع ايضا قال أن ما حصل من انجازات سواء تعلق الأمر هنا ببناية المعهد الموسيقي وغيرها من اضافات، هي في معظمها مشاريع كانت جاهزة قائمة الذات ومبرمجة في سابق هذا العهد، وانها فقط دشنت خلال السنوات الأخيرة. مضيفين أن التدبير الثقافي المنتهية ولايته بعد ثمان سنوات من ثقافة تدحرجات، استهلكت واعتمدت سلسلة محطات وبنيات وتجارب وتقاليد وتراكمات كانت جزءا مألوفا من مشهد تازة الثقافي مند عقود من الزمن، علما أن سوادها الأعظم من افكار وهندسة وترتيب وتنزيل يعود للأستاذ محمد بلهيسي ومعه المجتمع المدني المحلي بما في ذاك فرع اتحاد كتاب المغرب وما كان عليه من دينامية متميزة. ولعل من بنية الشأن الثقافي الذي كان قائما هناك المهرجان الدولي لمسرح الطفل فضلا عن معارض اقليمية وجهوية بتيمات متباينة، ناهيك عن ثقافة مسابقات وتكريمات وقراءات وتوقيعات وندوات قتلت تنظيما بالمدينة منذ بداية تسعينات القرن الماضي.
ويذكر الكثير في تقييمهم لتجربة التدبير التي طبعت تازة ثقافيا خلال السنوات الأخيرة، بما حصل من تدهور كبير ولامبالاة شملت عددا من الجوانب الثقافية الرمزية للمدينة، منها مثلا ما تعرضت له مباني تازة الأثرية التاريخية من سوء عناية واهتمام، عندما تن تركها عرضة لاختلالات وتجاوزات قانونية في غياب اية رقبة وورقة حفظ ولا بادرة حماية وتنبيه وتدخل، ولعل أكبر مشهد على فضاعه ما تعرضت له معالم المدينة خلال السنوات الأخيرة، وضع مبنى الحصن السعدي الأثري (البستيون) الذي يوجد غير بعيد عن مقر المديرية الاقليمية للثقافة بتازة سوى بأمتار، ومع ذلك لم تحرك هذه الأخيرة ساكنا ولم تقم بما ينبغي القيم به التزاما بما هو منوط بها من مهام ذات صلة، ولولا يقضة المجتمع المدني التازي ومعه شرفاء مثقفي المدينة ومبدعيها فضلا عن الاعلام المحلي والوطني، لكان مصير هذه البناية ذات الرمزية التاريخية العالية مجهولا.
وأما واقع المركب الأثري المحيط بالبرج الملولب الشهير بالمدينة وهو المركب الذي يعود للزمن الموحدي والمريني، فقد شكل فضيحة بجلاجلها كما يقال لسوء تدبير المديرية الاقليمية للمشهد. وقد تفاعلت عدد مكونات المجتمع المدني القانوني والحقوقي والثقافي(بيانات ومراسلات للوزارة الوصية)، مع أزمة مباني تازة الأثرية ومشاهدها المقززة المؤسفة وغير المبررة رغم النداءات من هنا وهناك (انهار جانب من سور باب الجمعة)، (طمس معالم أثرية بنفايات ومتلاشيات ترابية أمام أعين مديرية الثقافة كوصي أول، ولائحة ومظاهر ما تعرض له تراث المدينة المادي والرمزي طيلة هذه المدة واسعة ومتداخلة، في غياب أي انفتاح ولا تفاعل ولا تشاور ولا نوعية تدخل واجراء، كان من المهم والمفيد ان يسجل ايجابا لفائدة تدبير المديرية الاقليمية للثقافة المنتهية ولايته. فأية انجازات وابواب مفتوحة وفترة نشيطة وعقلية تدبير مفتوح كانت، وما الفائدة من ثقافة تطبيل البعض علما أن الحلال بين والحرام بين كما يقال والشمس لا تغطى بالغربال كما في وعي واشارات الذاكرة الشعبية ولا حول ولا قوة الا بالله.
يبقى المهم بمختصر مفيد، ما تتطلع له مدينة تازة من أفق جديد وأداء وتفاعل واضافات واغناء واشعاع وتشارك مع تجربة التدبير الجديد والمدير الاقليمي الجديد، وفق ما يتماشى وعظمة تراث وتاريخ وأعلام وشموخ مدينة وما تحضنه من ذاكرة ثقافية، ومعها مساحة مثقفين ومبدعين من طراز رفيع فضلا عن مكون جمعوي محلي متميز . وذاك من اجل لإعادة الاعتبار للثقافي الابداعي ولمكانة تازة التي كانت دوما قلعة ثقافية واشعاع بامتياز على امتداد عقود من الزمن، مع جعل الثقافة والتدبير المؤسسي الثقافي والفعل الثقافي في قلب الورش التنموي المحلي، ضمن ما هو منشود من أهداف ورهانات واحلام ترابية متقدمة في بعدها الاقليمي والجهوي والوطني.