تازة بريس
تم تصنيف تازة المدينة العتيقة (تازة العليا) تراثا وطنيا منذ عدة سنوات، وقد علقت الساكنة المحلية ومعها كل الفعاليات المهتمة محليا كثيرا من الأمل على هذا الاجراء، من اجل رد الاعتبار للمباني الأثرية التاريخية بالمدينة وحماية هويتها فضلا عن وقف كل تجاوز لاقانوني تجاهها. وفي الوقت الذي اتسع فيه الحديث عن تثمين وإغناء هذا الاجراء، بالاشتغال على ملف استشرافي يروم تصنيف تازة العتيقة تراثا إنسانيا، وجعل التراث المادي التاريخي للمدينة رافعة للتنمية المحلية بها (الأبواب الأثرية، الأبراج، الأسوار التاريخية المحيطة، المعالم الأثرية الدفاعية والدينية والاجتماعية وغيرها)، لا تزال تلاحظ مظاهر الإهمال واللامبالاة والترامي والتجاوزات اللاقانونية على ما هو مجال أثري دون مراعاة النصوص والمراسم المؤطرة الوطنية والدولية، هذا أمام اعين الجميع من سلطات محلية وهيئات منتخبة ومصالح جهوية مسؤولة وغيرها.
والشيء بالشيء يذكر كما يقال، لا حديث بتازة على وسائل التواصل الاجتماعي وحتى في المقاهي وبين الفعاليات الجمعوية من قبيل الائتلاف المدني التازي، سوى عما يرافق برنامج دعم وترميم بعض الدور الأثرية ومعها تلك الآيلة للسقوط، عبر لجنة مشرفة تضم ادارة السكنى والتعمير الوصية ومعها السلطات المحلية، فضلا عن الجماعة الحضرية ومصلحة المحافظة على المباني الأثرية بالمديرية الجهوية لوزارة الثقافة، من اختلالات تدبيرية وسوء تقدير يخص الدور المستفيدة من هذا الدعم، ومن هذه الاختلالات والتجاوزات التي باتت بحاجة لتحقيق اداري عاجل، ما يتعلق بدعم الجهات المشرفة على العملية لسكن عشوائي في الأصل هو احتلال لملك عمومي، وذلك بالترخيص له بالبناء بل الترخيص ب(إضافة طابق أول لهذا البناء العشوائي بحسب ما يتداول ..؟) في خرق سافر للقوانين ومسطرة الدعم والأهداف المنشودة من البرنامج .
البناء العجيب الغريب المعني بالأمر يوجد عند مدخل باب طيطي المبنى التاريخي بالمدينة العتيقة بالمحاذاة تماما مع السور الأثري المريني من الجهة الجنوبية للمدينة، والمكان في الأصل كان الى عهد قريب مخفر(كًاريطا) بمدخل القيادة العسكرية في عهد الحماية، وقد تم إغلاقه بعد تفويت المقر للقيادة الجهوية للقوات المساعدة التي حولت مدخلها صوب الجهة المقابلة لنظارة الأوقاف حاليا، هكذا بقي محل الحراسة (الكًاريطا) مهجورا لسنوات خلال الستينات والسبعينات حتى احتلاله بشكل غير قانوني، حيث تم به بناء بيت عشوائي لصيق مسقوف بالقصدير في احتلال واضح لملك عمومي، ليتم بعدها إلحاق كشك به قبل أن يتحول المكان نفسه للسكن وللتجارة معا في غياب تام لشروط السكن، في مشهد واضح وخرق سافر تم فيه تعمد توسيع احتلال الملك العمومي بالطريق المؤدية لزنقة ومسجد سيدي مصبح تحت مرأى السلطات المعنية.
والغريب والعجيب الذي حصل ولا حول ولا قوة الا بالله، أنه بعد كل هذا الخرق والتجاوز والاحتلال غير القانوني، تسلّم صاحبه دعما ماليا في إطار برنامج حكومي خاص يالترميم لفرض أمر واقع لسكن عشوائي وترسيم توسيعه، مشوها بذلك مدخل أحد أبواب المدينة العتيقة التاريخية دون أخذ المسافة عن السور الأثري. ويظهر أن المخالفة صريحة وبادية للعيان تقتضي فتح تحقيق عاجل على مستوى المؤسسات المعنية محليا وجهويا وكذا على صعيد الوزارات الوصية مركزيا، وأن من جملة من يتحمل مسؤولية ما يقع رئيس الجماعة الحضرية فضلا عن عامل الاقليم الذي له صلاحيات الرقابة التي تجعله في مقام المسؤول الأول عن تطبيق القانون، والسهر على تنفيذ برامج الدولة بما يفيد تحقيق أهدافها المنشودة ونجاعتها وقانونيتيها. دون نسيان المديرية الجهوية لوزارة الثقافة من خلال مصلحة المحافظة على المباني الأثرية، وهي المدعوة حالا أمام ما يقع لتحمل مسؤوليتها والقيام بواجبها صوب ما هناك من اختلالات وتجاوزات في حق التراث التاريخي للمدينة، من خلال اجراء تحقيق دقيق ونزيه في الموضوع وإعداد تقرير مفصل حماية للمباني الأثرية الوطنية التي يؤطرها القانون الجاري به العمل.