تازة بريس
عزيز ريباكً .. الرباط
بعزيمة “النساء” واقتداء بالرجال الذين حطموا الحواجز صعودا لأعلى قمم المجد الكروي في مونديال قطر 2022. نجحت سيدات المغرب في صنع ما يمكن أن يشبه معجزة كروية بانتزاع بطاقة التأهل للدور الثاني ضمن بطولة العالم للسيدات بكل من أستراليا ونيوزيلاندا. والواقع ان لا أحد كان يراهن على هكذا إنجاز، من منتخب عديم التجربة في تجمعات كروية من هذا المستوى، معظم عناصره من الممارسات بالبطولة المحلية(الجيش الملكي اساسا)، كان وزنه كالريشة قاريا الى عهد قريب، مقارنة بمنتخبات كبرى كنيجيريا وجنوب افريقيا. وأحسن إنجاز له بلوغه المباراة النهائية لكأس افريقيا التي اقيمت بالمغرب. بدا وقتها وكأنها لحظة ميلاد قوة كروية نسوية جديدة بالقارة السمراء.
منذ ذلك الحين وايمانا بقدرات هؤلاء اللاعبات ومهاراتهن، احيط الفريق بما يلزم من عناية ماديا وتقنيا، هيأت له ظروف الاستعداد الجيد بمنازلة منتخبات محترمة (ايطاليا، سويسرا وجمايكا). مناخ امتزجت فيه الجدية بالاحترافية في العمل ليفرز في الختام منتخبا من طينة الكبار، بقدرة على مقارعة اعتد الفرق في العالم. منتخب دخل التاريخ بمواصفات عالمية. فقد تعرض الفريق لحملة استهزاء وتنمر من طرف بعض الجهات بعد هزيمة ثقيلة امام المانيا(6/0) في أول ظهور له بالمونديال. انما ثبت، بما لا يدع مجالا للشك، أن الامر لم يكن سوى مجرد سقطة تولدت عن دهشة البداية وكذا حالة الانبهار المبالغ فيه من جانب اللاعبات المغربيات، امام شخصية الفريق الالماني المعروف كإحدى القوى الكروية النسوية على مستوى العالم(لقبان عالميان)من جهة واستصغار الامكانيات الذاتية من جهة ثانية، الشيء الذي دفع الى ارتكاب أخطاء مؤثرة على مستوى حراسة المرمى وخط الدفاع، فوق هذا وذاك لم يكن المنتخب المغربي الفريق الوحيد الذي مني بهزيمة من هذا الحجم. فزامبيا، احدى ممثلات القارة السمراء في هذا العرس العالمي، سقطت بخماسية في مناسبتين أمام كل من اسبانيا واليابان. من جهته منتخب الصين انهزم امام انجلترا بستة لواحد ،في حين دخل مرمى اليابان 5 اهداف امام انجلترا. وتبقى أكبر حصة في الدور الأول هزيمة الفيتنام أمام هولندا بسبعة أهداف لصفر. وبين المباراة الأولى أمام المانيا والثانية امام كوريا الجنوبية تغير كل شيء، بل وتحول الشعور بالدونية الى قوة دفع كبيرة وايمان بالذات لدى لبؤات الاطلس.
هكذا جاء الفوز على فريق يحتل المرتبة 17 عالميا في تصنيف الفيفا ،ويشارك للمرة الرابعة في مونديال السيدات. هذا الفوز أكسب اللبؤات مزيدا من الثقة، ومكنهن من معنويات مرتفعة في انتظار منازلة الفريق الكولومبي الذي يأتي ثانيا من حيث القوة والشهرة في امريكا اللاتينية بعد المنتخب البرازيلي. وهكذا ايضا وفي مباراة شكلت امتحانا صعبا أمام كولومبيات بعضهن يمارسن بأكبر الأندية الاوروبية كريال مدريد، ظهرت اللاعبات المغربيات بوجه أكثر اشراقا وحققن فوزا مستحقا مكنهن من دخول التاريخ من أوسع ابوابه، بتأهلهن للدور الثاني من كأس العالم في أول مشاركة لهن. وفي نفس الاثناء سحب البساط من تحت أقدام أحد المرشحين الاقوياء للتنافس على اللقب، الا وهو المنتخب الالماني. فوز وتأهل زادهتما رونقا وجمالا، أجواء التشويق والاثارة التي رافقت اللحظات الاخيرة من المباراتين.
والآن تجد اللبؤات أنفسهن وجها لوجه مع منتخب فرنسي يعتبر نفسه، حسب المقربين منه الأقرب للفوز. فهل تتكرر الحكاية ونعيش سيناريو شبيه بنصف نهاية كأس العالم ذكور، أم أن المغربيات لهن من الزاد التقني والتكتيكي والمعنوي، ما يكفي لهزم المنتخب الفرنسي بقيادة هيرفي رونار، الذي يعرف الكرة المغربية حق المعرفة ويعرف في نفس الوقت قوة العزيمة لدى المغاربة ذكورا واناثا. حظ سعيد لغزلان الشباك وباقي الزميلات.