تازة بريس
عبد الكريم الأمراني
نحن جيل تازة بعد الاستقلال كبرنا في مدينة هادئة وكثيرة الاخضرار، كانت أحياء المدينة قليلة حينها: بتازة العليا دروب المدينة، باب الزيتونة، ساحة أحراش/ البستيون / الكوشة، المصلى، السوق البراني…. بتازة السفلى: الفيلاج، بين الجرادي، الكعدة، لاكار، دوار الجديد… دوار عياد…..الكارطي، لابيسين، الجنانات، التينيس، نحن الجيل الذي إذا انتقل أحدنا من حي إلى حي ولم يكن له من يحميه هناك، يأكل طريحة ويكمدها ويرجع إلى حيه في انتظار الانتقام… نحن الجيل الذي صعد عقبة باب الجمعة قبل الدروج .. نحن الجيل الذي كان يستمتع بالمعرض عندما كان يقام بحديقة البلدية.. نحن الجيل الذي جلس على الأرض لمشاهدة أفلام سينما كريسطال.. نحن الجيل الذي عرف الحافلات الحمراء وطوبيس بابا الأعور.. نحن الجيل الذي سافر في الكاتريام وفي حافلات تازة فاس تازة وجدة والأسواق.. نحن الجيل الذي كان يشاهد مباريات الجمعية الرياضية التازية من على التل في انتظار أن تفتح الأبواب المجانية ربع ساعة قبل نهاية المقابلة، نحن الجيل الذي تتبع مباريات كرة السلة في الملعب قرب مسجد موريتانيا، نحن الجيل الذي كان يلعب الكرة في أية بقعة فارغة وفي تيران العسكر، نحن الجيل الذي كان يستيقظ باكرا صيفا وشتاءا ويذهب إلى لاكود دو لي أين كان يوزع الحليب للمحتاجين، نحن الجيل الذي استفاد من خدمات الماسورات والماميرات، نحن الجيل الذي كان يشاهد حفلات أعراس الفرنسيين في الكنيسة، نحن الجيل الذي كان يحضر سباق الدراجات وآلي جبيلو ورالي تازة باب بودير، نحن الجيل الذي كانت أصابع يداه تنتقخ من شدة البرد القارس في فصل الشتاء، نحن الجيل الذي عايش الفيضانات وشاهد الحوامات تحط وتقلع من تيران العسكر محملة بالمساعدات للمناطق المنكوبة، نحن رجال الجيل الذي اكتشفوا الشهوة الجنسية بالجنانات، نحن الجيل الذي كان يتبع لاكليك ويحضر استعراضات للماجوريل في الأعياد الوطنية، نحن الجيل الذي كان يحضر أنشطة دار الشباب عندما كانت قرب مقهى الكاطورز، نحن الجيل الذي استمتع بحدائق نقطة الحليب والبلدية والعمالة، نجن الجيل الذي عايش ادريس باكورة وعائشة بطيط والطاس وتروا ميليون، نحن جيل المداد والريشة، جيل حمل الأدوات المدرسية في صاك البلاستيك، نحن جيل الهيبيزم، الشعر الطويل وسروال باط تليفون وليباط نازلين، نحن جيل بوب ديلان، و بوب مارلي،وناس الغيوان وجيلالة والشيخ امام ومارسيل خليفة، نحن جيل الحلم الجماعي، نحن الجيل الذي كان يحلم بتغيير العالم، ساعة حشاها لنا العالم وغيرنا وغير مدينتنا…