باب القبور بتازة فضاء تاريخي تحت وطأة الإهمال والنسيان ..

تازة بريس
عبد الاله بسكًمار
كثير من المواطنين وبينهم أغلب أبناء تازة يجهلون حاليا وجود هذا الباب الموجود في الواجهة الجنوبية للمدينة العتيقة، وكان يشكل المدخل الرئيس للحاضرة عبر تلك الواجهة، وما كان يسمى منذ العهد الإسماعيلي ب ” قصبة تازا ” وهو يوجد بجانب عمالة الإقليم ( إقامة العامل بالضبط ) قرب باب القصبة والبستيون السعدي، وكان المسافرون والمقيمون يذرعونه ذهابا وإيابا، رغم حجمه الصغير، الشيء الذي دفع سلطات الحماية وبعد احتلال تازة في ماي 1914 إلى إغلاقه نهائيا وفي المقابل، تم فتح ممر كبيروسط السور الأثري إلى جانبه أصبح متاحا للسيارات والعربات والشاحنات وكذا للراجلين لحد الآن، أما التسمية فيحتمل أن تعود إلى إشرافه على مقبرة تازة القديمة والتي ظلت تشكل روضة العلامة علي بن بري نواتها الأساس وكانت تمتد إلى حدود باب طيطي، ومع ما لهذه التسمية من رمزية مجالية، فهناك أيضا نعت ” باب القبول ” ويحتمل أيضا أن تكون الساكنة قد حورت هذا الإسم إلى باب القبور، والمعروف أن الجيش الفرنسي وقوات إفريقيا واللفيف الأجنبي دخلوا تازة بقيادة الجنرالات بومغارتن غورو وليوطي، عبر هذا الباب التاريخي الذي يرجح أن يعود إلى العصر المريني.
أما القصبة فيبدو أنها تألقت خلال العصر الإسماعيلي، لما تمركز بها جيش كبير من عبيد المولى اسماعيل يقدر ب 2500 عسكري، وذلك في سياق تجهيز البلاد بمايزيد عن 70 قصبة موزعة على المراكز والمواقع الاستراتيجية، وفي نفس العهد حاصر السلطان المعني مدينة تازة لمدة شهر في محاولة للقضاء على ثورة ابن أخيه احمد بن محرز الذي تحصن بالبستيون سنة 1672م/ 1083هـ، فلعبت القصبة – وباب القبور جزء منها- دورا كبيرا لصالح الجيش الإسماعيلي، الذي قصف حصن البستيون بمساعدة خبراء أجانب ولكن دون جدوى، لينتهي هذا الفصل التاريخي الدرامي ببيعة تازة وفرار ابن محرز وتوجهه إلى الصحراء حيث سيُقضى عليه هناك .
الباب التاريخي إياه يعد جزءا من السور المريني المزدوج الممتد من برج سارازين إلى الغرب وحتى باب الجمعة شرقا، وهناك من يؤكد أن نفس السور المزدوج يمتد إلى باب الريح غربا ونظرا لكون ذلك الباب يعد مدخل القصبة ( سابقا ) فإن هذه الأخيرة كانت تشكل مقر الولاة وعمال تازة منذ العصر المريني وطيلة فترات من الدول الوطاسية والسعدية و العلوية ويرجح أنها نفس القصبة الجميلة التي ذكرها Leon L’Africain الحسن الوزان في كتابه ” وصف إفريقيا ” بقوله ص 355 ” وما زالت تشاهد بتازا قصبة جميلة كبيرة يسكنها عامل المدينة “.
حقيقة لم يرد أي ذكر لهذا الباب في المصادر أو الحوليات التاريخية، بخلاف بابي الجمعة والشريعة حيث ورد ذكرهما في روض القرطاس وعند ابن خلدون خاصة، ولكن مع ذلك فقدم هذه البوابة لا يرقى إليه الشك ومما يؤكد ذلك الصور القديمة للمدينة عند دخول الجيش الفرنسي إليها، وهنا تجدر الإشارة إلى أن كثيرا من الفرنسيين كانوا يعرفون هذا الباب وموقعه بالدرجة الأولى حيث ورد في Guides Bleus « Bab Guebour « porte du cimétière « sur lequel a été aménagé le camps Aubry , ouvre le passage :1° au camps La croix à l’est ou se trouve le bureau régional des affaires indigènes , la poste , les services municipaux ,L’état major, le tribunal du Pacha et l’infirmerie indigène : 2° la subdivision et au camps Coudere (هكذا كتبها صاحب المادة) . 3° la médina au nord
وكانت البوابة إياها قد عرفت بعض الترميم بعد الاستقلال، لكنها على العموم تركت لحالها، علما بأن مجمل ذلك الفضاء له طابع تاريخي متميزوكان من الأولى تهيئته ( يعني البوابة مع القصبة ثم البستيون المجاور) كمجال متحفي يمكن أن يساهم في إثراء السياحة الثقافية والتاريخية للمدينة التي أصبحت شبه منكوبة حاليا ولله الأمر من قبل ومن بعد .