تازة بريس
القضايا الدبلوماسية المشتركة بين المغرب والرباط والتفكير والتخطيط للمستقبل انطلاقًا من الحاضر واستحضارًا للماضي، واستنادًا إلى أن التزام الدولتين الذي يتجاوز المصالح الآنية ليعتمد البعد الاستراتيجي والجيوسياسي المتجدد بأبعاد اقتصادية وثقافية ومجتمعية متعددة الأوجه والمظاهر، ليرتبط بقضايا تساهم في صناعة القرارات الدولية البسيطة والمعقدة. كل هذا وذاك هو ما تطرحه للنقاش ندوة علمية دولية في موضوع”العلاقات المغربية الاسبانية: رؤى متقاطعة، والتي تنظمها مؤسسة فكر للتنمية والثقافة والعلوم يومي 16-17 نونبر الجاري، وذلك بشراكة مع جمعية جهات المغرب وكلية الآداب والعلوم الانسانية بالرباط، وبتعاون مع قطاع الثقافة والاعلام وجهة طنجة تطوان الحسيمة.
ندوة العلاقات المغربية الاسبانية هذه بالرباط تروم أرضية دائمة تحافظ وتخدم استقرار العلاقات بين ضفتين مختلفتين ثقافيا، بما يعطي معنى واقعيا ومصداقية لنظرية حوار الحضارات ويتجاوب ايضا مع رهانها الانساني والتواصلي. من هنا أهمية الإقبال على ترسيخ دور ما تم بناؤه من قبل في إطار التعاون المشترك على أساس المصالح المشتركة ومنطق رابح رابح المغرب واسبانيا من جهة وافريقيا واوروبا من جهة ثانية، انطلاقًا من التحولات التي يعرفها الواقع الجيوسياسي المعاصر والالتزامات التي تتقاسمها الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي مع المنطقة المغاربية، والهواجس الاقتصادية والمعرفية للدول العظمى التي جعلت من المغرب وإسبانيا أوراق أساسة في صناعة السياسات الدولية، إن من خلال العلاقات الثنائية او العلاقات متعددة الأطراف، ومن علاقات البلدين علاقات نموذجية تتسم بالجدية والمصداقية والاحترام المتبادل أي علاقات تساهم في أسباب الاستقرار والأمن والتعاون، من أجل التنمية في المنطقة الغربية للبحر الأبيض المتوسط، وبذلك كان المغرب واسبانيا دائما بوابة لقارتين مختلفتين مرتبطتين أكثر من منفصلتين، عبر مضيق جبل طارق الذي يفرض عليهما التفاهم والتنسيق في شتى المجالات.
في الواقع- يقول بلاغ لمؤسسة مؤسسة فكر للتنمية والثقافة والعلوم- نتائج هذا التفاهم كانت مثمرة في الفترة الأخيرة بعد فتور في العلاقات، حيث ظهر جليًا للطرفين أهمية العلاقات ومركزية المصالح التي يتقاسمها البلدان معا التي جعلت من التوترات التي كانت سببا في هذا الفتور تزول بزوال أسبابها، مما أدى إلى تفاهم مبني على الاحترام و الثقة في القدرات والكفاءات في التعامل، جعل الحكومة الاسبانية تدرك انطلاقًا من كل ذلك ان تعترف رسميًا بمقترح الحكم الذاتي وتؤكد على جدية المقترح المغربي وتنخرط في الدينامية المتجددة للمنتظم الدولي حول النزاع المفتعل في شأن موضوع الصحراء المغربية. هذا الاعتراف والانخراط كانا سببين مباشرين لاستعادة العلاقات الثنائية بين البلدين برغبة غير مسبوقة في بناء علاقات دبلوماسية واقتصادية واكاديمية وثقافية وسياحية…، تنفع شعبي البلدين وتؤسس لعلاقات دولية متجددة تنفع الانسانية تأسيسًا على الروابط التي تجمع بين الرباط و مدريد في مختلف مجالات التعاون، وبذلك نضمن توفير أحسن الأجواء من أجل أن تكون هذه العلاقات مربحة أكثر وأن يكون التقارب الجغرافي والتاريخي المشترك سببا من أجل ضمان الاستقرار والرخاء والتقارب والتفاهم بين كلا البلدين.
في هذا السياق، نسجل باعتزاز يضيف البلاغ -المجهودات المبذولة بين كل مكونات البلدين الحكومية والاقتصادية والسياسية والمدنية والاكاديمية من أجل إعادة ضخ نفس جديد و روح عالية للعلاقات المغربية الاسبانية، ويتجلى ذلك في إعادة تنشيط اللجان المشتركة على الصعيد الحكومي والمؤسساتي، بهدف التنسيق في مجال الهجرة، و الجريمة المنظمة العابرة للقارات والإرهاب والثقافة، والتربية والاقتصاد والعلوم والبحث العلمي والتعاون من أجل التنمية و غيرها، بهدف التعاون المتبادل و الدائم في كل المجالات التي تجمع المغرب و إسبانيا. ضمن هاته السياقات و الظروف الدولية والوطنية جاءت هذه الندوة التي تتقاسمها جملة محاور تجمع بين، محور المغرب وإسبانيا من منظور تاريخي، المغرب وإسبانيا اليوم، المغرب و إسبانيا، تحديات و رؤى مستقبلية، والتي يساهم في أشغالها وزراء و اساتذة باحثون و فعاليات مدنية وإعلامية وغيرها، على امتداد يومي 16-17 نونبر الجاري بمدرج الشريف الادريسي بكلية الآداب والعلوم الانسانية بالرباط.